للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال السندي رحمه الله: وأخذ كثير من الرخصة في القتل أن القتل لا يفسد الصلاة، لكن قد يقال: يكفي في الرخصة انتفاء الإثم في إفساد الصلاة، وأما بقاء الصلاة بعد هذا الفعل، فلا يدل عليه الرخصة، فتأمل. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في كلام السندي هذا نظر لا يخفى، فما قاله الكثير من أن الصلاة لا تفسد هو الصواب، وهو قول جمهور أهل العلم، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك في المسألة الخامسة، إن شاء الله -تَعَالَى-.

(ثم اعلم): أن الأمر بقتل الحية والعقرب مطلق غير مقيد بضربة، أو ضربتين، وقد أخرج البيهقي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كفاك الحيةَ ضربةٌ بالسوط، أصابتها، أم أخطأتها". وهذا يوهم التقييد بالضربة. قال البيهقي: وهذا، وإن صح، فإنما أراد -والله أعلم- وقوع الكفاية بها في الإتيان بالمأمور، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلها، وأراد -والله أعلم- إذا امتنعت بنفسها عند الخطإ، ولم يرد به المنع من الزيادة على ضربة واحدة.

ثم استدل البيهقي على ذلك بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم: "من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة أدنى من الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة أدنى من الثانية". انتهى (١).

وقال في "شرح السنة": وفي معنى الحية والعقرب كل ضرّار مباح القتل، كالزنابير ونحوه. انتهى (٢) والله -تَعَالَى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:

أخرجه هنا -١٢/ ١٢٥٢ - وفي "الكبرى" -٤٨/ ١١٢٥ عن قتيبة بن سعيد، عن ابن عيينة، ويزيد بن زريع، كلاهما عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جَوْس، عنه. وفي -١٢٠٣ - و"الكبرى" -١١٢٦ - عن محمَّد بن رافع، عن سليمان ابن داود الطيالسي، عن هشام الدستوائي، عن معمر به. والله -تَعَالَى- أعلم.


(١) "السنن الكبرى" للبيهقي ج ٢ ص ٢٦٦ - ٢٦٧.
(٢) ج ٣ ص ٢٦٧ - ٢٦٨.