للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معروفا عندهم يدّعون به التوصل إلى معرفة النجاح والخيبة في قضاء الحاجة.

قال ابن منظور رحمه الله: والخط الكتابة ونحوُها مما يُخَطّ، وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال في الطَّرْق: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: هو الخطّ الذي يخطُّه الحازي -يعني الكاهن- وهو علم قديم تركه الناس، قال. يأتي صاحبُ الحاجة إلى الحازي، فيعطيه حُلْوَانا، فيقول له: اقعُد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام له معه ميل، ثم يأتي إلى أرض رخوة، فيخط الأستاذ خطوطّا كثيرة بالعَجَلة؛ لئلا يَلْحَقها العَدَدُ، ثم يرجع، فيمحو منها على مَهَل خطين خطين، فإن بقي من الخطوط خطان فهما علامة قضاء الحاجة والنُّجْح، قال: والحازي يمحو، وغلامه يقول للتفاؤل: ابنَيْ عيان، أسْرعا البيان، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: فإذا محا الحازي الخطوط، فبقي منها خط واحد، فهي علامة الخيبة في قضاء الحاجة.

قال: وكانت العرب تسمي ذلك الخط الذي يبقى من خطوط الحازي الأسْحَمَ، وكان هذا الْخَطُّ عندهم مشؤومًا.

وقال الحربي: الخط هو أن يخط ثلاثة خطوط، ثم يضرب عليهنّ بشَعير، أو نَوّى، ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضرب من الكهانة.

وقال ابن الأثير: الخط المشار إليه علم معروف، وللناس فيه تصانيف كثيرة، وهو معمول به إلى الآن، ولهم فيه أوضاع، واصطلاح، وأسَام، ويستخرجون به الضمير وغيره، وكثيرا ما يصيبون. انتهى كلام ابن منظور (١).

(قال) - صلى الله عليه وسلم - (كان نبي من الأنبياء) قيل: المراد به إدريس، وقيل: دانيال (يخط) أي يستعمل الخط معجزةً له (فمن وافق خطه) يحتمل الرفع، والمفعول محذوف، والنصبّ والفاعل الضمير المستتر في "وافق" على حذف مضاف، أي من وافق من الناس خطُّه خط ذلك النبي (فذاك) مبتدأ حذف خبره، واختلف في تقديره، فقيل: فذاك مباح، وقيل: فذاك الذي تجدون إصابته فيما يقول: والجملة جواب الشرط.

وقال في "المنهل". قوله: "فذاك"، أي فهو مصيب وعالم بمثل ذلك النبي، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة، وامتنعت الموافقة لأن خطه كان معجزةً، ولأنه كان يعرف بالفراسة بواسطة تلك الخطوط، فلا يُلْحَقُ به أحدٌ من غير الأنبياء في صفة ذلك الخط لقوة فراسته، وكما علمه وورعه.

وقال النووي رحمه الله: اختلف العلماء في معناه، والصحيح أن معناه: من وافق خطَّه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة، فلا يباح، والمقصود


(١) "لسان العرب" ج ٢ ص ١١٩٨.