للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنه حرام, لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها.

وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فمن وافق خطه فذاك"، ولم يقل: هو حرام بغير تعليق على الموافقة لئلا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخطّ، فحافظ النبي - صلى الله عليه وسلم - على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا.

فالمعنى أن ذلك النبي لا منع في حقه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها.

وقال القاضي عياض رحمه الله: المختار أن معناه أن من وافق خطه فذاك الذي تجدون إصابته فيما يقول, لا أنه أباح ذلك لفاعله, قال: ويحتمل أن هذا منسوخ في شرعنا.

فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن (١).

وقال الخطابي رحمه الله في "المعالم" ج-٢ ص ٤٣٧: وقوله: "فمن وافق خطه فذاك" يشبه أن يكون أراد به الزجر عنه، وترك التعاطي له، إذ كانوا لا يصادفون معنى خط ذلك النبي، لأن خطه كان علمًا لنبوته، وقد انقطعت نبوته، فذهبت معالمها. انتهى.

وقال في "المنهل" بعد نقل كلام الخطابي المذكور: ما نصه: ولذا قال المحرّمون لعلم الرمل، وهم أكثر العلماء: لا يُستَدَلُّ بهذا الحديث على إباحته، لأنه علق الإذن فيه على موافقة خط ذلك النبي، وموافقته غير معلومة، إذ لا تُعْلَمُ إلا من تواتر، أو نص منه - صلى الله عليه وسلم -، أو من أصحابه أن الأشكال التي لأهل علم الرمل كانت لذلك النبي، ولم يوجد ذلك، فاتضح تحريمه. انتهى (٢).

(قال) معاوية - رضي الله عنه - (وبينا أنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة إذ عطس) من بابي ضرب، ونصر (رجل من القوم) بالرفع على الفاعلية (فقلت: يرحمك الله) إنما قال له ذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمره به، ففي رواية أبي داود: قال: "لما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُلِّمت أمورًا من أمور الإسلام، فكان فيما عُلِّمت أن قيل لي: إذا عطس العاطس، فحمد الله، فقل: يرحمك الله، قال: فبينما أنا قائم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، إذ عَطَسَ رجل، فحمد الله، فقلت: يرحمك الله، رافعًا بها صوتي .. " الحديث.

(فحدّقني القوم بأبصارهم) من التحديق، وهو شدة النظر، يقال: حدّق إليه بالنظر تحديقًا: شدد النظر إليه.


(١) "المنهل العذب المورود" ج-٦ ص ٣٢ - ٣٣.
(٢) "المنهل العذب المورود" ج ٦ ص ٣٣.