للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال السيوطي -رحمه الله- في "شرحه" ج-٣ ص ١٧ - : هذا من خصائص هذه الشريعة.

ذكر القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله أن شريعة بني إسرائيل كان يباح فيها الكلام في الصلاة، دون الصوم، فجاءت شريعتنا بعكس ذلك.

وقال ابن بطال رحمه الله: إنما عيب على جُرَيج عدم إجابته لأمه، وهو في الصلاة، لأن الكلام في الصلاة كان مباحًا في شرعهم، وفي شرعنا لا يجوز قطع الصلاة لإجابة الأم، إذ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق. انتهى.

وقال النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث النهي عن تشميت العاطس في الصلاة، وأنه من كلام الناس الذي يحرم في الصلاة، وتفسد به، إذا أتى به عالما عامدا.

قال أصحابنا -يعني الشافعية-: إن قال: يرحمه الله، أو اللَّهُمَّ ارحمه، أو رحم الله فلانا لم تبطل صلاته، لأنه ليس بخطاب.

وأما العاطس فيستحب له أن يحمد الله -تَعَالَى- سرّا. هذا مذهبنا، وبه قال مالك، وغيره، وعن ابن عمر، والنخعي - رضي الله عنهم - أنه يجهر به، والأول أظهر، لأنه ذكر، والسنة في الأذكار في الصلاة الإسرار، إلا ما استثني، من القراءة في بعضها، ونحوها. انتهى "شرح مسلم"ج -٥ ص ٢١.

(إنما هو التسبيح، والتكبير، وتلاوة القرآن) "هو" ضمير يعود إلى الشيء الذي يصلح في الصلاة، وهو مبتدأ خبره "التسبيح" الخ.

زاد في رواية مسلم، وأبي داود: "أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وهو شك من معاوية ابن الحكم - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أو من أحد الرواة، أتى بها تحريا، واحتياطا في الألفاظ النبوية. والله -تَعَالَى- أعلم.

قال النووي رحمه الله -تَعَالَى-: في هذا الحديث تحريم الكلام في الصلاة، سواء كان لحاجة، أو غيرها، وسواء كان لمصلحة الصلاة، أو غيرها، فإن احتاج إلى تنبيه، أو إذن لداخل، ونحوه سبّح، إن كان رجلًا، وصفقت إن كانت أمرأة، هذا مذهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة رحمهم الله، والجمهور من السلف والخلف.

وقالت طائفة، منهم الأوزاعي: يجوز الكلام لمصلحة الصلاة، لحديث ذي اليدين، وسنوضحه في موضعه، إن شاء الله -تَعَالَى-.

وهذا في كلام العامد العالم، أما الناسي، فلا تبطل صلاته بالكلام القليل عندنا، وبه قال مالك، وأحمد، والجمهور.

وقال أبو حنيفة -رحمه الله-، والكوفيون: تبطل.

دليلنا حديث ذي اليدين، فإن كثر كلام الناسي، ففيه وجهان مشهوران لأصحابنا، أصحهما تبطل صلاته، لأنه نادر.