للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لاحتمال أن تكون قصرت، وليست الحال اليوم كذلك، لأن الفرائض قد تناهت، فلا يزاد فيها، ولا ينقص إلى يوم القيامة.

والوجه الثاني: أن القوم الذين كانوا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيّ فيهم، قد أُوجب عليهم أن يستجيوا لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم، يدلّ على ذلك حديث أبي هريرة، وحديث أبي سعيد بن المعَلَّى.

قال الجامع عفا الله عنه: أما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فسيأتي بعد باب، وأما حديث أبي سعيد بن المعلّى فقد تقدم في-٢٦/ ٩١٣.

قال ابن المنذر رحمه الله: وليست كذلك الأئمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليس لأحد أن يجيب إمامًا يدعوه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل على من أجاب إمامه، وهو يعلم أنه في بقية من صلاته الإعادةُ.

قال: واختلف أهل العلم في المصلي يتكلم في صلاته ساهيا، أو سلم قبل أن يكمل الصلاة، وهو ساه، فقالت طائفة: يبني على صلاته، ولا إعادة عليه، وممن صلى، فسلم في ركعتين، وبنى عليها، وسجد سجدتي السهو عبد الله بن الزبير، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: أصاب ورُوي ذلك عن عبد الله بن مسعود، وفعل ذلك عروة بن الزبير.

وبه قال عطاء، والحسن البصري، وقتادة، وسلّم أنس بن مالك في الظهر، أو العصر في ثلاث ركعات، ثم قام، فأتم صلاته، وسجد سجدتي السهو.

وهذا قول عوامّ أهل الفُتْيا من علماء الأمصار، منهم سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

وحكي ذلك عن أبي الزناد، وابن أبي ليلى، وقال الشعبي: إذا تكلم في صلاته بَنَى على ما مضى، ومين رأى أن يبني على صلاته إذا تكلم ساهيا أو جاهلا: يحيى الأنصاري، والأوزاعي، وبه قال أبو ثور، وحكي ذلك عن مالك والشافعي.

وقالت طائفة: إذا تكلم ساهيا يستقبل صلاته، كذلك قال النخعي، وقتادة، وحماد ابن أبي سليمان، والنعمان، وأصحابه.

قال ابن المنذر رحمه الله: واحتج الذين قالوا: لا إعادة على من تكلم في صلاته بحديث ذي اليدين -يعني الآتي بعد باب- وأما ما ادعاه بعضهم من نسخ الكلام، فإنما نسخ منه عمد الكلام، وكان النسخ بمكة (١)، وإسلام أبي هريرة بعد مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة بسبع سنين أو نحوها، وأبو هريرة يقول: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،


(١) سيأتي أن الراجح كون نسخ الكلام بالمدينة، ولكنه قبل إسلام أبي هريرة بزمان، كما قال ابن المنذر رحمه الله تَعَالَى.