للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فتأخر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدّة، لأنه حدّث بهذا الحديث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما أخرجه الطبراني وغيره، وهو سُلَميّ، واسمه الخرْبَاق، على ما سيأتي البحث فيه.

وقد وقع عند مسلم من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "فقام رجل من بني سُلَيم"، فلما وقع عند الزهري بلفظ "فقام ذو الشمالين"، وهو يَعرف أنه قتل ببدر، قال لأجل ذلك: إن القصّة وقعت قبل بدر.

وقد جوّز بعض الأئمة أن تكون القصّة وقعت لكلّ من ذي الشمالين، وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين، فأرسل إحداهما، وهي قصّة ذي الشمالين، وشَاهَدَ الأُخرى، وهي قصّة ذي اليدين. وهذا مُحتمل من طريق الجمع.

وقيل: يُحمَل على أن ذا الشمالين كان يقال له أيضا: ذو اليدين، وبالعكس، فكان ذلك سببًا للاشتباه.

ويدفع المجاز الذي ارتكبه الطحاويّ ما رواه مسلم، وأحمد، وغيرهما من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة في هذا الحديث عن أبي هريرة بلفظ "بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين، ونصّ على ذلك الشافعي -رحمه الله- في "اختلاف الحديث" (١).

(إحدى صلاتي العشي) "العشي" -بفتح العين المهملة، وكسر السين، وتشديد الياء، أصله من العشاء، وهي الظلمة، واختلف في تحديد وقت العشي، فالذي اختاره الأزهري أنه من زوال الشمس إلى غروبها، وقيل: من صلاة المغرب إلى العَتَمَة، وقال ابن الأثير: ما بعد الزوال إلى المغرب عشي، وقيل: العشي من زوال الشمس إلى الصباح. واختار الحافظ العلائي هذا القول، قال: وبه يحصل الجمع بين الأقوال كلها (٢).

(قال) ابن سيرين (قال أبو هريرة) - رضي الله عنه - (ولكني نسيت) أي تعيين تلك الصلاة، وهذا ظاهر في أن الشكّ من أبي هريرة - رضي الله عنه -، لكن وقع عند البخاري بلفظ: "إحدى صلاتي العشي"، قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة، ولكن نسيت أنا، فهذا صريح في أن الناسي هو ابن سيرين. وفي الرواية الآتية ١٢٢٦ - من رواية أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة "صلاة العصر"، من غير شك، وفي رواية أبي سلمة -١٢٢٧ - عنه "صلاة العصر" من غير شك أيضا، وفي رواية للبخاري: "الظهر، أو العصر"


(١) "فتح" جـ ٣ ص ٣٢٧.
(٢) "نظم الفرائد" ص ١٢٣ - ١٢٤.