للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على آل أبي أوفى" (١).

وفي حديث آخر أن امرأةً قالت له: صلّ عليّ، وعلى زوجي، قال: "صلى الله عليك، وعلى زوجك" (٢).

النوع الثاني: صلاته الخاصّة على أنبيائه ورسله، خصوصًا على خاتمهم وخيرهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، فاختلف الناس فيه على أقوال:

(أحدها): أنها رحمته، أخرج إسماعيل القاضي، عن الضّحّاك، قال: صلاة الله رحمته، وصلاة الملائكة الدعاء. وقال المبرّد: أصل الصلاة الرُّحْمُ، فهي من الله رحمة، ومن الملائكة رقّة, واستدعاء للرحمة من الله. وهذا القول هو المعروف عند كثير من المتأخرين.

والقول الثاني: أن صلاة الله مغفرته، أخرج إسماعيل القاضي عن الضحّاك أيضاً، قال: صلاة الله مغفرته، وصلاة الملائكة الدعاء (٣).

وهذا القول من جنس الذي قبله، وهما ضعيفان لوجوه:

(أحدها): أن الله سبحانه فرّق بين صلاته على عباده ورحمته، فقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)} [البقرة: ١٥٥ - ١٥٧]، فعَطَفَ الرحمةَ على الصلاة، فاقتضى ذلك تغايرهما، هذا أصل العطف، وأما قولهم:

وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِباً وَمَيْناً

فهو شاذ نادر لا يُحمَلُ عليه أفصح الكلام، مع أن الْمَيْن أخصّ من الكذب.

(الوجه الثاني): أن صلاة الله سبحانه خاصّةٌ بأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين، وأما رحمته فوسعت كلّ شيء، فليست الصلاة مرادفةً للرحمة، لكن الرحمة من لوازم الصلاة وموجباتها وثمراتها، فمن فسرها بالرحمة، فقد فسّرها ببعض ثمراتها ومقصودها، وهذا كثيراً ما يأتي في تفسير ألفاظ القرآن، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يفسر اللفظة بلازمها وجزء معناها، كتفسير الريب بالشكّ، والشكُّ جزء مسمى الريب، وتفسير المغفرة بالستر، وهو جزء مسمّى المغفرة، وتفسير الرحمة بإرادة الإحسان، وهو لازم الرحمة، ونظائر ذلك كثيرة.

(الوجه الثالث): أنه لا خلاف في جواز الترحم على المؤمنين، واختَلَفَ السلفُ


(١) متفق عليه.
(٢) أخرجه الدارمي من حديث جابر مطولاً جـ ١ ص ٢٤ بسند رجاله ثقات.
(٣) "فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-" ص ٨٠ - ٨١.