فمن فعل ذلك لم يكن ممتثلاً للأمر جزماً، ولم يخرج عن العهدة بيقين. فليُتَنَبَّهْ لهذا الأمر الدقيق، فإنه من مزالّ الأقدام.
وقد تقدم نظير هذا البحث في "كتاب الافتتاح". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة السابعة:
ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى ما حاصله: إن أكثر الأحاديث الصحاح والحسان، بل كلّها مصرّحة بذكر "محمد، وآل محمد"، وبذكر "آل إبراهيم"، فقط، أو بذكر "إبراهيم" فقط، قال: ولم يجىء في حديث صحيح بلفظ "إبراهيم، وآل إبراهيم" معًا، وإنما أخرجه البيهقي من طريق يحيى بن السَّبّاق، عن رجل من بني الحارث، عن ابن مسعود، ويحى مجهول، وشيخه مبهم، فهو سند ضعيف، وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر قويّ، لكنه موقوف على ابن مسعود، وأخرجه النسائي، والدارقطنيّ من حديث طلحة.
وتعقبه الحافظ رحمه الله في "الفتح" بأنه وقع في "صحيح البخاري" في "أحاديث الأنبياء" في ترجمة إبراهيم عليه السلام من طريق عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بلفظ:"كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد"، وكذا في قوله:"كما باركت". وكذا وقع في حديث أبي مسعود البدريّ من رواية محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عنه، أخرجه الطبريّ، بل أخرجه الطبريّ أيضاً في رواية الحكم (١)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أخرجه من طريق عمرو بن قيس، عن الحكم بن عُتيبة، فذكره بلفظ:"على محمد، وآل محمد، إنك حميد مجيد"، وبلفظ:"على إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
وأخرجه أيضاً من طريق الأجلح، عن الحكم مثلَه سواءً، وأخرجه أيضاً من طريق حنظلة بن عليّ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأخرجه أبو العباس السرّاج من طريق داود بن قيس، عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟، قال:"قولوا: "اللَّهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت، وباركت على إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
ومن حديث بُريدة رفعه: "اللَّهم اجعل صلواتك، ورحمتك، وبركاتك على محمد،
(١) هكذا في "الفتح" "في رواية الحكم"، ولعل الصواب "من رواية الحكم" بـ"من". والله أعلم