للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاتم من حديث جابر -رضي الله عنه-، والطبراني من حديث حسين بن علي -رضي الله عنهما-، وهذه الطرق يشدّ بعضها بعضاً.

(ومنها): حديث "رَغِمَ أنفُ رجل ذكرت عنده، فلم يصلّ عليّ". أخرجه الترمذيّ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ: "من ذُكرت عنده، ولم يصلّ علي، فمات، فدخل النار، فأبعده الله". وله شاهد عنده، وصححه الحاكم، وله شاهد من حديث أبي ذَرّ -رضي الله عنه- في الطبراني، وآخر عن أنس -رضي الله عنه- عند ابن أبي شيبة، وآخر مرسل عن الحسن، عند سعيد بن منصور، وأخرجه ابن حبّان من حديث أبي هريرة، ومن حديث مالك بن الْحُوَيرث، ومن حديث عبد الله بن عباس عند الطبراني، ومن حديث عبد الله بن جعفر عند الفريابي، وعند الحاكم من حديث كعب بن عُجْرة بلفظ: "بَعُد مَن ذُكرتُ عنده، فلم يصلّ عليّ"، وعند الطبرانيّ من حديث جابر -رضي الله عنه-، رفعه: "شَقِيَ عبدٌ ذُكرت عنده، فلم يصلّ عليّ" وعند عبد الرزّاق من مرسل قتادة: "من الْجَفَاء أن أُذكَرَ عند رجل، فلا يصلي عليّ".

(ومنها): حديث أبَي بن كعب -رضي الله عنه-: "أن رجلاً قال: يا رسول الله إني أُكثر الصلاة، فما أجعل لك من صلاتي؟ قال: "ما شئت قال: الثلث؟، قال: "ما شئت، وإن زدت، فهو خير إلى أن قال: أجعل لك كل صلاتي؟ قال: "إذن تُكفى همَّك … " الحديث. أخرجه أحمد، وغيره بسند حسن.

قال الحافظ رحمه الله تعالى بعد أن ساق هذه الأحاديث: ما نصه: فهذا الجيّد من الأحاديث الواردة في ذلك، وفي الباب أحاديث كثيرة ضعيفة، وواهية. وأما ما وضعه القُصّاص في ذلك، فلا يُحصَى كثرةً، وفي الأحاديث القوية غُنْيةٌ عن ذلك.

[تنبيه]: قال الحَليمي رحمه الله: المقصود بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- التقرّب إلى الله بامتثال أمره، وقضاءُ حقّ النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا.

وتبعه ابن عبد السلام رحمه الله، فقال: ليست صلاتنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- شفاعةً له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكنّ الله تعالى أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لَمَّا علم عجزنا عن مكافأة نبيّنا -صلى الله عليه وسلم- إلى الصلاة عليه.

وقال ابن العربي رحمه الله: فائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه، لدلالة ذلك على نُصُوع العقيدة، وخلوص النيّة، وإظهار المحبة، والمداومة على الطاعة، والاحترام للواسطة الكريمة -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع


(١) "فتح" جـ ١٢ ص ٤٥٨ - ٤٥٩.