للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شهد التكبيرة الأولى من الصلاة، فصلى نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم سلّم عن يمينه، وعن يساره حتى رأيت بياض خدّيه، ثم انفتل، فقام الرجل الذي أدرك التكبيرة الأولى من الصلاة ليشفع، فوثَبَ إليه عمر، فأخذ بمنكبيه، فهزّه، ثم قال: اجلس، فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلاتهم فَصْلٌ، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- بصره، فقال: "أصاب الله بك يا ابن الخطّاب" (١).

وهذا الحديث إنما يدلّ على كراهة أن يَصلَ المكتوبةَ بالتطوّع بعدها من غير فصل، وإن فصل بالتسليم.

ويدلّ عليه أيضاً ما رَوَى السائبُ بن يزيد قال: صلّيت مع معاوية الجمعة في المقصورة، فلمّا سلم قمت في مقامي، فصليت، فلمّا دخل أرسل إليّ، فقال: لا تَعُد لما فعلت، إذا صليت الجمعة، فلا تَصلْها بصلاة حتى تتكلّم، أو تخرج، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذلك أن لا تُوصَل صلاةٌ بصلاة حتى نتكلّم، أو نخرج. أخرجه مسلم (٢).

وروى حرب بإسناده عن عطاء أنه قال فيمن صلى المكتوبة: لا يصلي مكانه إلا أن يقطع بحديث، أو يتقدّم، أو يتأخر.

وعن الأوزاعيّ قال: إنما يجب ذلك على الإمام أن يتحوّل من مصلّاه، قيل له: فما يُجزىء من ذلك؟ قال: أدناه أن يزيل قدميه من مكانه. قيل له: فإن ضاق مكانه؟ قال: فليتربع بعد سلامه، فإنه يُجزئه.

ورَوَى أيضًا بإسناده عن ابن مسعود أنه كان إذا سلم قام وتحوّل من مكانه غير بعيد.

قال حرب: وثنا محمد بن آدم، ثنا أبو المليح الرَّقّيّ، عن حبيب، قال: كان ابن عمر يكره أن يُصلي النافلة في المكان الذي يصلي فيه المكتوبة حتى يتقدّم، أو يتأخّر، أو يتكلّم. وهذه الرواية تخالف رواية نافع التي أخرجها البخاري (٣).

وقد ذكر قتادة عن ابن عمر أنه رأى رجلاً صلّى في مقامه الذي صلى فيه الجمعة، فنهاه عنه، وقال: لا أراك تصلي في مقامك، قال سعيد: فذكرته لابن المسيب، فقال: إنما يكره ذلك للإمام يوم الجمعة.

وعن عكرمة، قال: إذا صليت الجمعة، فلا تصلها بركعتين حتى تفصل بينهما بتحوّل أو كلام. أخرجهما عبد الرزّاق.


(١) هذا الحديث ضعيف يأتي الكلام عليه قريباً.
(٢) "صحيح مسلم" جـ ٢ ص ٦٠١ رقم ٨٨٣ بنسخة محمد فؤاد.
(٣) قال الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه": وقال لنا آدم: ثنا شعبة، عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة، وفعله القاسم. انتهى.