للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وقال) أي بعد الاستغفار (اللَّهم أنت السلام) هو اسم من أسماء الله تعالى، أي أنت السليم من المعايب والآفات، ومن كل نقص.

وقال الصنعاني رحمه الله: المراد ذو السلامة من كل نقص وآفة، مصدر وُصف به للمبالغة انتهى.

وفي تعريف الجزأين إفادة الحصر، أي أنت المختص بالتنزّه عن النقائص والعيوب، لا غيرك.

(ومنك السلام) هذا بمعنى السلامة، أي أنت الذي تعطي السلامة وتمنحها لمن أردتها له، لا من غيرك، أو منك نطلب السلامة من شرور الدنيا والآخرة، أو منك يُرجَى السلام، ويُستوهب، ويُستفاد، أو السلامة من المعايب والآفات مطلوبة منك، أو حاصلة من عندك، فالسالم من سلّمته.

قال الشيخ الْجَزَري رحمه الله تعالى: وأما ما يُزاد بعد قوله: "ومنك السلام" من نحو "وإليك يرجع السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دار السلام"، فلا أصل له، بل هو مختلق من بعض القُصّاص انتهى. (تباركت) تفاعلت من البركة، وهي الكثرة والنماء.

روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "تبارك" بمعنى تعالى، وقال أبو العباس: ارتفع، والمبارك المرتفع. وقال ابن الأنباريّ: تقدّس، وقال الحسن: تبارك تجيء البركة من قبله، وقال الضّحّاك: تَعَظّم، وقال الخليل: تمجّد.

وقال الحسين بن الفضل: تبارك في ذاته، وبارك من شاء من خلقه.

قال العلّامة ابن القيم رحمه الله: وهذا أحسن الأقوال، فتبارُكُهُ سبحانه وصفُ ذاتٍ له، وصفةُ فعلٍ.

وقال ابن عطيّة: معناه عظُم، وكثُرت بركاته، ولا يوصف بهذه اللفظة إلا الله تعالى، ولا تتصرف في لغة العرب، لا يستعمل منها مضارع ولا أمر، قال: وعلّة ذلك أن "تبارك" لما لم يوصف به غير الله دم يَقتض مستقبلاً، إذ الله سبحانه وتعالى قد تبارك في الأزل (١).

(يا) وفي "صحيح مسلم" بحذف حرف النداء (ذا الجلال) أي العظمة (والإكرام) أي الإحسان إلى أوليائه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) راجع "جلاء الأفهام" ص ٢٤٢ - ٢٤٦، فقد طول الكلام واستوفاه هناك.