للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألة الثالثة: في مشروعيّة الدعاء عقب الصلاة:

(اعلم): أنه عقد المصنف رحمه الله تعالى أبوابًا كثيرة، من رقم -٧٩/ ١٣٣٥ - إلى ٩٠/ ١٣٤٧ - لبيان الأحاديث التي تدلّ على مشروعية الدعاء دبر الصلاة، وأورد فيها أحاديث كثيرة مشتملة على دعوات كثيرة تقرأ عقب الصلاة، وإن كان بعضها مكرراً، وهذه الدعوات، وإن كانت محتملة لأن تكون قبل السلام، إلا أن الظاهر كونها بعد السلام، كما هو رأي المصنف رحمه الله تعالى، فإنه أوردها لذلك.

بعد أن ذكر أبوابا كثيرة للدعوات قبل السلام من رقم ٥٧/ ١٢٩٩ - إلى -٥٦/ ١٣١١ - .

وقد تبع في هذا الإمامَ البخاريَّ رحمه الله تعالى، حيث إنه عقد في "صحيحه" في "كتاب الدعوات" بابًا للدعاء في الصلاة، وبابًا للدعاء بعد الصلاة.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى بعد ذكره بعض الأذكار عقب الصلوات: ما نصه:

وفي الذكر عقب الصلوات المكتوبات أحاديث أخر.

وجمهور أهل العلم على استحبابه، وقد روي عن علي، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم رضي الله تعالى عنهم، وهو قول عطاء، والثوريّ، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم، وخالف فيه طائفة قليلة من الكوفيين.

وقد تقدّم عن عبيدة السلْمَاني أنه عدّ التكبير عقب الصلاة من البدَع، ولعله أراد بإنكاره على مصعب أنه كان يقوله مستقبل القبلة قبل أن ينحرف ويجهر. كذلك هو في كتاب عبد الرزّاق (١).

وإذا صحت السنّةُ، وعمل بها الصحابة، فلا نعدل عنها.

قال: واستحبّ أيضًا أصحابنا، وأصحاب الشافعىّ الدعاء عقب الصلوات، وذكر بعض الشافعية اتفاقًا.

واستدلّوا بحديث أبي أمامة -رضي الله عنه-، قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيّ الدعاء أسمع؟، قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات". خرّجه الإمام أحمد، والترمذيّ، وحسّنه (٢).

واستدلّوا أيضا بحديث معاذ المتقدم "لا تَدَعنّ في دبر كلّ صلاة أن تقول: اللَّهم أعني على ذكرك … " الحديث.


(١) راجع "المصنف" جـ ٢ ص ٢٤٥.
(٢) "الترمذي" رقم ٣٩٩.