للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذا) زاد أحمد في رواية له: "فلا يقولها".

يعني أنه يذكره الأشياء التي تشغل باله، وتأخذ فكره، وتحمله على إلانصراف مسرعا، ولا يذكر الله تعالى عقب الصلاة، لا كثيرًا، ولا قليلاً.

(ويأتيه عند منامه) بفتح الميم يحتمل أن يكون مصدرًا ميميًّا، أي عند نومه، ويحتمل أن يكون ظرف مكان، أي عند وقت نومه، أو محله (فيُنيمه) بضم حرف المضارعة، من أنامه: إذا حمله على النوم، وفي بعض الروايات: "فينوّمه" من التنويم، زاد أحمد في روايةٍ: "فلا يقولها". أي يحمله على أن ينام دون أن يذكر الله تعالى.

وكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد -والله أعلم- بهذا التنبيهَ لهم، حيث رآهم مُتَحَمِّسِين لاغتنام هذه الفضيلة على أن ثَمّ مانعًا قويًّا، وهو الشيطان، فإنه لا يقدر على التغلب عليه إلا مَن أعانه الله تعالى، وكان من عباده الذين قال تعالى في حقهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الآية [الحجر: ٤٢].

وهو العدوّ المبين الذي أمر الله تعالى باتخاذه عدوًّا، فقال: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)} [فاطر: ٦].

وهو العدو اللَّدُود الذي يصعب الحذر منه، حيث إنه يرانا من حيث لا نراه، كما قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} الآية [الأعراف: ٢٧].

ومن المعلوم أن العدو الذي لا يُرَى يَصعُبُ التخلّص منه، فليس هناك إلا الالتجاء إلى من بيده ناصية كل شيء، والتوكل عليه، وهو الله تعالى، فإن من توكل عليه كفاه، ومن تحصّن به وقاه، كما أخبر بذلك في محكم كتابه، فقال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)} [النحل: ٩٩]، وقال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} الآية: [الزمر: ٣٦]، وقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} الآية: [الطلاق: ٣].

فينبغي للعبد أن يكون دائم التوكل عليه، ورافعًا أكفّ الضراعة إليه، إنه سميع عليم، وهو بعباده رؤوف رحيم، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما هذا صحيح، ولا يضرّ وجود عطاء ابن السائب في سنده -وهو مختلط- لأن حماد بن زيد ممن روى عنه قبل الاختلاط، كما تقدم بيانه في ١٥٢/ ٢٤٣.

وقد حقق الحافظ رحمه الله تعالى الكلام في هذا الحديث في "نتائج الأفكار": فقال: