للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ساق الهدي.

والمراد بالبدنة البعيرُ، ذكرًا كان أو أنثى، والتاء فيها للوحدة، لا للتأنيث، وكذا في باقي ما ذُكر.

وحكى ابن التين عن مالك أنه كان يتعجّب ممن يخصّ البدنة بالأنثى. وقال الأزهري في "شرح ألفاظ المختصر": البدنة لا تكون إلا من الإبل، وصحّ ذلك عن عطاء، وأما الهدي، فمن الإبل والبقر والغنم. هذا لفظه.

وحكى النوويّ عنه أنه قال: البدنة تكون من الإبل والبقر والغنم، وكأنه خطأ نشأ عن سقط.

وفي "الصحاح": البدنة ناقة، أو بقرة تُنحر بمكة، سميت بذلك لأنهم كانوا يُسَمِّنُونها انتهى.

والمراد بالبدنة هنا الناقة بلا خلاف، واستدلّوا به على أن البدنة تختص بالإبل؛ لأنها قوبلت بالبقرة عند الإطلاق، وقسم الشيء لا يكون قسيمه، أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد. وقال إمام الحرمين: البدنة من الإبل، ثم الشرع قد يقيم مقامها البقرة، وسَبْعًا من الغنم،

وتظهر ثمرة هذا فيما إذا قال: لله علي بدنة، وفيه خلاف، والأصحّ تَعَيُّن الإبل، إن وُجدت، وإلا فالبقرة، أو سَبْع من الغنم. وقيل: تتعين الإبل مطلقًا. وقيل: يتخير مطلقًا (١).

وقال الحافظ ولي الدين رحمه الله: ذكر في "الصحاح" و"المحكم" أن البدنة من الإبل والبقر ما أُهدي إلى مكة، وكذا قال في "النهاية": إنها تطلق عليهما، قال: وهي بالإبل أشبه. وذكر القاضي عياض أنها تختص بالإبل. وقال النووي: قال جمهور أهل اللغة، وجماعة من الفقهاء: تقع على الواحدة من الإبل والبقر والغنم، وخصها جماعة بالإبل، والمراد هنا الإبل بالاتفاق، لتصريح الحديث بذلك انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ: والبَدَنَةُ قالوا: هي ناقة، أو بقرة، وزاد الأزهريّ: أو بعير ذكر، قال: ولا تقع البدنة على الشاة، وقال بعض الأئمة: البدنة هي الإبل خاصّةً، ويدلّ عليه قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} الآية [الحج: ٣٦]، سميت بذلك لعظم بَدَنهِا، وإنما ألحقت البقرة بالإبل بالسنة، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "تُجزىء البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة"، ففرّق الحديث بينهما بالعطف، إذ لو كانت البدنة في الوضع تُطلق على البقرة لما ساغ


(١) "فتح" ٣/ ٢٠.
(٢) "طرح التثريب" ٣/ ١٧٧ - ١٧٨.