للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَعَى في الجنة أربعين خريفًا، وأنه قرّبه ابن آدم، فتُقُبّل منه، ورُفع إلى الجنة (١)، فلذلك قيل فيه عظيم.

والجواب عن الثاني أنه لا يلزم من تضحيته -صلى الله عليه وسلم- ترجيح الغنم، لأمرين:

أحدهما: أنه قد ثبت في الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- ضحّى عن نسائه بالبقر، فلو دلّ تضحيته بالغنم على أفضليتها لدلّت تضحيته بالبقر على أفضليتها، ويتعارض الخبران.

ثانيهما: أنه ثبت في الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- أهدى غنمًا، فلو دلت تضحيته بالغنم على أفضليتها في الأضحيّة لدلّ إهداوه لها على أفضليتها في الهدايا، وليس كذلك بالاتفاق، كما تقدّم.

وقول القاضي عياض: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما ضحّى بالضأن، وما كان ليترك الأفضل، كما لم يتركه في الهدايا، فيه نظر، لما قدّمناه أنه ضحّى بغير الضأن، وأنه تَرَكَ الأفضلَ في حقنا في الهدايا، فأهدى الغنم، وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا فعل العبادة المفضولة، كانت في حقِّه فاضلة، لكونه يُبيّن بذلك شرعيتها.

وقد تُحملُ تضحيته -صلى الله عليه وسلم- بالكبشين على أنه لم يجد في ذلك الوقت إلا الغنم، أو أنه فعله لبيان الجواز، والله أعلم.

والجواب عن الثالث، وهو أقوى ما استدلّوا به أنه محمول على تفضيل الكبش على مُساويه من الإبل والبقر، فإن البدنة والبقرة كلّ منهما يُجزىء عن سبعة، فيكون المراد تفضيلَ الكبش على سُبُع بدنة، وسُبُع بقرة، أو تفضيل سَبْع من الغنم على البدنة والبقرة، لتتفق الأحاديث، فإن ظاهر الحديث الذي نحن في شرحه موافق للجمهور.

قال الحافظ العراقي رحمه الله: وقد يُجاب بأن المراد خير الأضحية بالغنم الكبشُ، قال: وفيه تعسّف انتهى.

واحتجّ الجمهور أيضًا بقياس الضحايا على الهدايا، وأيضًا فقيل في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦]، أن المراد شاة، وذلك يدل على نقصان مرتبتها عن غيرها من النَّعَم، وأيضًا فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن أفضل الرقاب، فقال: "أغلاها ثمناً، وأنفسها عند أهلها"، ولا شكّ في أن الإبل والبقر أنفس عند الناس، وأغلى ثمنًا من الغنم. ذكره ولي الدين رحمه الله تعالى.

ومنها: أنه استُدلّ به على أن مَن التزم هديًا يكفيه أن يخرج ناقة، أو بقرة، أو شاة؛


(١) الله أعلم بصحته، فلم يذكر له سند حتى يُنظر فيه.