للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنه -صلى الله عليه وسلم- أطلق لفظ الهدي على الثلاثة، وقد اتفق العلماء على ذلك في الإبل، والبقر، واتفق الشافعية في الغنم أيضًا، وعن مالك أنه أجاز الشاة مرّة، ومرّة لم يُجزها. والله تعالى أعلم.

ومنها: أنه قد يُستدلّ بعمومه على استحباب التبكير للخطيب أيضًا، لكن ينافيه قوله في آخره: "فإذا خرج الإِمام طوت الملائكة الصحف"، فدلّ على أنه لا يخرج إلا بعد انقضاء وقت التبكير المستحبّ في حقّ غيره.

قال الماورديّ رحمه الله من الشافعية: يُختار للإمام أن يأتي الجمعة في الوقت الذي تُقام فيه الصلاةُ، ولا يبكّر، اتباعًا لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، واقتداء الخلفاء الراشدين، قال: ويدخل المسجد من أقرب أبوابه إلى المنبر انتهى (١).

ومنها: أنه أطلق في هذه الرواية أن المهجّر إلى الجمعة كالمهدي بدنة، وقَيَّد في الرواية الآتية في الباب التالي، فقال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح … " الحديث، فاقتضى هذا أن التهحير إلى الجيعة إنما يكون كإهداء البدنة، وكذا ما بعدها بشرط تقدّم الاغتسال عليه في ذلك اليوم، والقاعدة حمل المطلق على المقيّد. قاله ولي الدين رحمه الله تعالى.

ومنها: أنه استُدلّ به على أن الجمعة تصحّ قبل الزوال، كما سيأتي نقل الخلاف فيه في الباب التالي، إن شاء الله تعالى.

قال الحافظ رحمه الله تعالى: ووجه الدلالة منه تقسيم الساعة إلى خمس (٢)، ثم تعقيبه بخروج الإِمام، وخروجُهُ عند أول وقت الجمعة، فيقتضي أنه يخرج في أول الساعة السادسة، وهي قبل الزوال.

والجواب أنه ليس في شيء من طرق هذا الحديث ذكر الإتيان من أول النهار، فلعلّ الساعة الأولى منه جُعلت للتأهب بالاغتسال وغيره، ويكون مبدأ المجيء من أول الثانية، فهي أُولى بالنسبة للمجيء، ثانيةٌ بالنسبة للنهار، وعلى هذا فآخر الخامسة أول الزوال، فيرتفع الإشكال. وإلى هذا أشار الصيلانيّ شارح "المختصر"، حيث قال: إن أول التبكير يكون من ارتفاع النهار، وهو أول الضحى، وهو أو الهاجرة، ويؤيده الحث على التهجير إلى الجمعة، ولغيره من الشافعية في ذلك وجهان، اختَلَفَ فيهما الترجيح، فقيل: أول التبكير طلوع الشمس، وقيل: طلوع الفجر، ورجحه جمع، وفيه


(١) "طرح" برقم ص ١٧٣.
(٢) هذا لا يتمشى مع رواية "المصنف" بزيادة البطة، إلا على اعتبارها شاذّة، كما هو الصحيح.