للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورُوي عن عبد الرحمن بن الأسود قال: كان يُعجبهم أن يُواقعوا النساء يوم الجمعة؛ لأنهم قد أُمروا أن يغتسلوا، وأن يُغَسِّلُوا. انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى (١).

وقوله: "ثم راح": أي في الساعة الأولى، بدليل قوله: "ومن راح في الساعة الثانية"، وقد أخرجه مالك في "الموطإ" ص ٨٤ عن سُميّ بهذا الإسناد، وفيه التصريح بذكر الساعة الأولى.

وقوله: "قرّب بدنةً" بتشديد الراء، أي. أهداها تقرّبًا إلى الله تعالى.

قال السندي رحمه الله في شرحه: والساعات محمولة على لحظات قُرب الزوال عند مالك، وعلى الساعات النجومية عند غيره، وعليه بني المصنف استدلاله على الوقت، وأيده بالحديث الذي بعده، إذ الساعة فيه محمولة على الساعة النجومية قطعًا، وعلى هذا فوقت خروج الإِمام يكون في الساعة السادسة، قيل: وفيها تزول الشمس، ولا يخفى أن زوال الشمس في آخر الساعة السادسة، وأول الساعة السابعة، ومقتضى الحديث أن الإِمام يخرج عند أول الساعة السادسة، ويلزم منه أن يكون خروج الإِمام قبل الزوال، فليتأمل. والله تعالى أعلم انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: أنه رتب في هذا الحديث السابقين إلى الجمعة على خمس مراتب، أولها كمقرّب البدنة، والثاني كمقرّب البقرة، والثالث كمقرّب الكبش، والرابع كمقرّب الدجاجة، والخامس كمقرّب البيضة، ورتّب هذه المراتب على خمس ساعات، فقال الجمهور: المراد بهذه الساعات الأجزاء الزمانية التي ينقسم النهار منها على اثني عشر جزءًا.

واختلف أصحاب الشافعي، هل يكون ابتداؤها من طلوع الفجر، أو الشمس، والصحيح عندهم من طلوع الفجر، وفيه -كما قال العراقي- أنه ليس العمل عليه في أمصار الإِسلام قديمًا وحديثًا، أن يبكر للجمعة من طلوع الفجر.

وقال المالكية: المراد لحظات لطيفة بعد الزوال، وهو خلاف ظاهر اللفظ، والمتبادر إلى الفهم منه، فإن المفهوم منه إنما هو الساعات المعروفة، وقد ورد التصريح


(١) "شرح البخاري" لابن رجب الحنبلي جـ ٨ ص ٩٠.
(٢) "شرح السندي" جـ ٣ ص ٩٩.