للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مشهور عن أحمد، حتى نُقل عنه أنه لا يختلف قوله في جواز إقامة الجمعة قبل الزوال، كذا قاله غير واحد من أصحابه.

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في حديث أنس -رضي الله عنه-: "كنا نُبكّر بالجمعة، ونَقيل بعد الجمعة".

هذا مما يَستدلّ به من يقول بجواز إقامة الجمعة قبل الزوال، لأن التبكير، والقائلة لا يكون إلا قبل الزوال، وقد ثبت أنهم كانوا في عهد عمر يُصلّون معه الجمعة، ثم يرجعون، فيقيلون قائلة الضحى، وهذا يدلّ على أن وقت الضحى كان باقيًا.

وكل ما استدل به من قال: تُمنع الجمعة قبل الزوال ليس نصًّا صريحًا في قوله، وإنما يدلّ على جواز إقامة الجمعة بعد الزوال، أو على استحبابه، أما منع إقامتها قبله فلا، فالقائل بإقامتها قبل الزوال يقول لجميع الأدلة، ويَجمع بينها كلِّها، ولا يردّ منها شيئًا.

فروى جعفر بن بُرقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبس الله أراد سِيدَان، قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر الصدّيق، فكانت خطبته، وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر. فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول: مال النهار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك، ولا أنكره.

أخرجه وكيع في كتابه، عن جعفر به، وأخرجه عنه ابن أبي شيبة في كتاب، وخرّجه عبد الرزاق في كتابه، عن معمر، عن جعفر به، وخرّجه الأثرم، والدارقطنيّ.

ورواه الإِمام أحمد في رواية ابنه عبد الله، عن وكيع، عن جعفر، واستدلّ به.

وهذا إسناد جيّد، وجعفر حديثه عن غير الزهري حجة يُحتجّ به. قاله الإِمام أحمد، والدارقطني، وغيرهما.

وثابت بن الحجاج جزريّ تابعيّ معروف، لا نعلم أحدًا تكلم فيه، وقد خرّج له أبو داود.

وعبد الله بن سيدان السلمي المطْرُديّ قيل: إنه من الربَذَة، وقيل: إنه جَزَريّ، يروي عن أبي بكر، وحُذيفة، وأبي ذرَ، وثقه العجليّ، وذكره ابن سعد في طبقة الصحابة، ممن نزل الشام، وقال: ذكروا أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال القُشيريّ في "تاريخ الرقّة": ذكروا أنه أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وأما البخاري، فقال: لا يُتابع على حديثه، كأنه يشير إلى حديثه هذا.