للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُشرع التحية لغير المسجد، وفيه نظر (١).

ومنها: أنه يدلّ على جواز ردّ السلام، وتشميت العاطس في حال الخطبة, لأن أمرهما أخفّ، وزمنهما أقصر، ولاسيما رد السلام، فإنه واجب. قاله في "الفتح" (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في حكم الصلاة لمن جاء يوم الجمعة، والإمام يخطب:

قال الإِمام ابن المنذر رحمه الله تعالى:

اختلف أهل العلم في المرء يدخل المسجد يوم الجمعة، والإمام على المنبر، فقالت طائفة: يركع ركعتين، ويجلس، كذلك قال الحسن البصري، وفعل ذلك مكحول، وهو قول ابن عيينة، و-عبد الله بن يزيد- المقرىء، والشافعي، والحميديّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي ثور، ونفر (٣) من أهل الحديث.

وقالت طائفة: يجلس، ولا يصلي، هذا قول محمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وشُريح، وقتادة، والنخعيّ، ومالك، والليث بن سعد، والثوريّ، وسعيد بن عبد العزيز، والنعمان.

وفيه قول ثالث، قاله أبو مِجْلَز، قال: إن شئت ركعت، وإن شئت جلست.

وفيه قول رابع، قاله الأوزاعيّ، قال: كان من هدي الناس أن يركع الرجل في منزله ركعتين عند خروجه إلى الجمعة، فمتى ركعهما، ثم جاء المسجد، فوجد الإِمام يخطب قعد، ولم يركع، وإن لم يكن ركع قبل خروجه، فلا يجلس حين يدخل المسجد حتى يركع.

قال ابن المنذر رحمه الله تعالى: يصلي إذا دخل، والإمام يخطب ركعتين خفيفتين، صلى في منزله، أو لم يصلّ, لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك الداخل في المسجد، وأَمْرُهُ على العموم، ويؤكد ذلك حديث أبي قتادة -رضي الله عنه- (٤).

ولا يقولنّ قائل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- خَصَّ بهما سُليكاً, لأن في حديث جابر -رضي الله عنه- جاء سُليكٌ الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فجلس، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:


(١) قال الجامع: لا نظر فيه، بل هو الحق، فتأمل. والله تعالى أعلم.
(٢) جـ ٣ ص ٧٦ - ٧٧.
(٣) عبارة ابن حزم في "المحلى" جـ ٥ ص ٧٠: "وجمهور أهل الحديث".
(٤) يعني حديث عمرو بن سُليمٍ، عن أبي قتادة مرفوعاً: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". متفق عليه.