للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد أن جدد عثمان الأذان على الزوراء يمكن أن يصلي سنة الجمعة قبل خروج الإِمام للخطبة. والله تعالي أعلم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في هذا الكلام نظر لا يخفى؛ إن الكلام في مشروعية سنة الجمعة القبلية، هل لها دليل تثبت به من قوله -صلى الله عليه وسلم-، أو فعله، أم لا؟، لا عما أحدث بعده -صلى الله عليه وسلم-، وأيضاً الثابت عن عثمان رضي الله تعالى عنه هو الأمر بالأذان، ولم يثبت عنه أنه أمر بسنة الجمعة القبليّة. فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحير بالاعتساف. والله تعالى أعلم.

واستدلوا أيضاً بما رواه ابن حبان في "صحيحه"، والدارقطني في "سننه"، وغيرهما عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من صلاة مفروضة، إلا وبين يديها ركعتان"، وهذا يتناول الجمعة وغيرها.

لكن يُضَعَّفُ الاستدلالُ به من جهة أنه عموم يقبل التخصيص، فيقدم عليه ما هو الظاهر من حال النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك.

قال العراقي رحمه الله تعالى: واستدلّ بعضهم بحديث عبد الله السائب، وأبي أيوب الأنصاريّ، وثوبان -رضي الله عنهم- في صلاة أربع ركعات بعد الزوال، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء".

ولقائل أن يقول: هذه سنة الزوال، ففي حديث علي -رضي الله عنه- أنه كان يصلي بعدها أربعاً قبل الظهر.

وقد يجاب عنه بأنه حصل في الجملة استحباب أربع بعد الزوال كل يوم، سواء الجمعة وغيرها، وهو المقصود انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الجواب عن هذا كالجواب عن سابقه، فيقال: هذا عام خُصّ منه يوم الجمعة بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه -رضي الله عنهم- أنهم ما كانوا يصلون قبل الجمعة، كما تقدم. والله تعالى أعلم.

وقال ولي الدين رحمه الله تعالى: وهذه الأمور التي استدل بها على سنة الجمعة قبلها وإن كان في كلّ منها على انفراده نظر، فمجموعها قويّ يضعف معه إنكارها.

وأقوى ما يُعارض ذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يؤذن في زمنه يوم الجمعة غير أذان واحد في أول الوقت، وهو على المنبر، وذلك الأذان يعقبه الخطبة، ثم الصلاة، فلا يمكن مع ذلك أن يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا أحد من أصحابه.

وبالجملة فالمسألة مشكلة. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في كلام ولي الدين رحمه الله تعالى هذا نظر لا يخفى: