تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ) فيه مشروعيّة الخطبة لكسوف، قال الحافظ: والعجب أن مالكًا روى حديث هشام هذا، وفيه التصريح بالخطبة، ولم يقل به أصحابه، قال: واستدلّ به على أن الانجلاء لا يُسقط الخطبة، بخلاف ما لو انجلت قبل أن يشرع في الصلاة، فإنه يسقط الصلاة والخطبة، فلو انجلت في أثناء الصلاة أتمّها على الهيئة المذكورة عند من قال بها، وعن أصبغ يتمها على هيئة النوافل المعتادة انتهى (١)(فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ) زاد في حديث سمرة الآتي ١٥/ ١٤٨٤ - :"وشهد أن لا إله إلا اللَّه، وشهد أنه عبد اللَّه ورسوله" (ثُمَّ قَالَ: "إِن الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ، مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لَحِيَاتِهِ، فَإذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّه) وللبخاريّ "فاذكروا اللَّه" (-عَزَّ وَجَلَّ-، وَكَبِّرُوا، وَتَصَدَّقُوا"، ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ) فيه معنى الإشفاق، كما يخاطب الوالد ولده إذا أشفق عليه بقوله: يا بُنيّ، كذا قيل، وكان قضيّة ذلك أن يقول: يا أمتي، لكن لعدوله عن المضمر إلى المظهر حكمة، وكأنها بسبب كون المقام مقام تحذير وتخويف، لما في الإضافة إلى الضمير من الإشعار بالتكريم، ومثله:"يا فاطمة بنت محمد، لا أُغني عنك من اللَّه شيئًا" الحديث (مَا مِنْ أَحَدِ، أَغْير)"أحد" اسم "ما" الحجازية، و"من" زائدة، و"أغير" بالنصب على أنه خبرُها، أو هو مجرور صفة لـ"أحد"، وجره بالفتحة لكونه غير منصرف، والخبر محذوف، أي موجود، ويجوز كون "ما" تميميّة، كقوله:
و"أغير" أفعل تفضيل، من الغَيْرَة -بفتح الغين المعجية، وهي في اللغة: تغيّر يحصل من الحميّة والأَنَفَة، وأصلها في الزوجين، والأهلين، وكلّ ذلك محال على اللَّه تعالى, لأنه منزّه عن كلّ تغيّر ونقص، فتعيّن حمله على المجاز، فقيل: لما كانت ثمرة الغيرة صونَ الحريم، ومنعهم، وزجر من يقصد إليهم، أطلق عليه ذلك، لكونه مَنَع من فعل ذلك، وزجر فاعله وتوعّده، فهو من باب تسمية الشيء بما يترتّب عليه وقال ابن فُورك: المعنى ما أحد أكثر زجرًا عن الفواحش من اللَّه، وقال: غيرة اللَّه ما يُغيّر من حال العاصي بانتقامه منه في الدنيا والآخرة، أو في أحدهما، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد: ١١]