للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لقوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} وفي قوله: {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} دليل على أن الطائفة الثانية تنصرف، ولم يبق عليها من الصلاة شيء تفعله بعد الإمام.

هذا كله نَزَعَ به بعض أصحاب الشافعيّ بالاحتجاج له على الكوفيين وغيرهم.

ولم يختلف قول مالك، والشافعيّ، وأبي ثور أن الإمام إذا قرأ في الركعة الثانية بأم القرآن وسورة قبل أن تأتي الطائفة الأخرى، ثم أتته، فركع بها حين دخلت معه، قبل أن تقرأ شيئا أنه يجزئهم، إلا أن الشافعي قال: إن أدركوا معهم ما يمكنهم فيه قراءة فاتحة الكتاب فلا يجزئهم إلا أن يقرؤها.

قال الجامع: قد تقدم في باب القراءة أن الراجح أن المسبوق إذا أدرك الركوع ولم يدرك القراءة لا تجزئه تلك الركعة، بل لا بدّ من قضائها بعد سلام الإمام, لأنه لا صلاة إلا بأم القرآن. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

قال أبو عمر: وقول أحمد بن حنبل في صلاة الخوف كقول الشافعي سواءً على حديث سهل بن أبي حثمة، وروايةُ يزيد بن رُومان هو المختار عند أحمد، وكان لا يَعيب مَن فعل شيئًا من الأوجه المروية في صلاة الخوف، قال: ولكني أختار حديث سهل بن أبي حثمة, لأنه أنكى للعدوّ. وقال الأثرم: قلت له: حديث سهل بن أبي حثمة تستعمله، والعدوّ مستقبلُ القبلة، وغيرُ مستقبلها؟ قال: نعم هذا أنكى لهم, لأنه يصلي بطائفة، ثم يذهبون، ثم يصلي بأخرى، ثم يذهبون.

واختار داود بن عليّ وأصحابه أيضًا حديث سهل بن أبي حثمة من رواية يزيد بن رومان، وغيره، عن صالح بن خَوّات، عن سهل بن أبي حثمة.

قال: وأما أبو حنيفة وأصحابه، إلا أبا يوسف، فإنهم ذهبوا إلى ما رواه الثوريّ، وشريك، وزائدة، وابن فضيل، عن خُصيف، عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود، عن أبيه، قال: صلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلاة الخوف بطائفة، وطائفة مستقبلو العدوّ، صلى بالذين وراءه ركعة وسجدتين، وانصرفوا, ولم يسلّموا، فوقفوا بإزاء العدوّ، ثم جاء الآخرون، فقاموا مقامهم، فصلى بهم ركعة، ثم سلم، فقام هؤلاء، فصلّوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، وذهبوا، فقاموا مقام أولئك مستقبلي القبلة، ورجع أولئك إلى مقامهم، فصلّوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا (١).

وروى أبو الأسود، عن عروة بن الزبير، عن مروان، عن أبي هريرة، قال: صليت مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلاة الخوف، فذكر مثل حديث ابن مسعود سواء (٢).


(١) - أخرجه أبو داود، وفيه خُصيف بن عبد الرحمن مختلف فيه، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
(٢) - سيأتي للمصنف رقم ١٥٤٣.