للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلا أنه بصريّ الأصل، ونصفه الثاني مسلسل بالمدنيين. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، وفيه سالم من الفقهاء السبعة على بعض الأقوال، وفيه ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (٢٦٣٠) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ) عبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه عنه - (أَن رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً) وفي الرواية التالية: "قال: غزوت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قِبَلَ نجد، فوازينا العدوّ، وصاففناهم، فقام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يصلي بنا، فقامت طائفة منّا معه، وأقبلت طائفة على العدوّ … ".

(وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ) أي مقابلتُهُ (ثُمَّ انْطَلَقُوا) أي ذهبت الطائفة التي قامت معه بعد أن صلى بها ركعة (فَقَامُوا فِي مَقَامِ أُولَئِكَ) أي الذين واجهوا العدوّ (وَجَاءَ أُولَئِكَ، فَصَلَّى بِهمْ رَكْعَةً أُخْرَى) هي الركعة الثانية له (ثُمّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ) أي على الطائفة الثانية (فَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ) وفي الرواية الآتية: "ثم قام كل رجل من الطائفتين، فصلى كل رجل لنفسه ركعة، وسجدتين".

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ظاهره أنهم أتمّوا لأنفسهم في حالة واحدة، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب، وهو الراجح من حيث المعنى، وإلا فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، ولفظه: ثم سلم، فقام هؤلاء -أي الطائفة الثانية- فقضوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، ثم ذهبوا، ورجع أولئك إلى مقامهم، فصلّوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا" انتهى.

وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها، ووقع في الرافعي تبعًا لغيره من كتب الفقه أن في حديث ابن عمر هذا أن الطائفة الثانية تأخرت، وجاءت الطائفة الأولى، فأتموا ركعة، ثم تأخروا، وعادت الطائفة الثانية، فأتموا, ولم نقف على ذلك في شيء من الطرق.

واستدلّ بقوله: "طائفة" على أنه لا يشترط استواء الفريقين في العدد، لكن لا بدّ أن تكون التي تحرس يحصل الثقة بها في ذلك، والطائفة تطلق على الكثير والقليل، حتى على الواحد، فلو كانوا ثلاثة، ووقع لهم الخوف جاز لأحدهم أن يصلي بواحد، ويحرس واحد، ثم يصلي الآخر، وهو أقلّ ما يتصوّر في صلاة الخوف جماعة على القول بأقل الجماعة مطلقًا، لكن قال الشافعيّ: أكره أن تكون كل طائفة أقلّ من ثلاثة, لأنه أعاد عليهم ضمير الجمع بقوله: {أَسْلِحَتَهُمْ}. ذكره النوويّ في "شرح مسلم" وغيره.