الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعر يُشَبَّب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهنّ، وذكر الخمور، والمحرّمات، لا يُختَلَف في تحريمه، لأنه اللَّهو، واللعب المذموم بالاتفاق.
فأما ما يَسلَم من تلك المحرّمات، فيجوز القليل منه، وفي أوقات الفرح، كالعُرس، والعيد، وعند التنشيط على الأعمال الشاقّة، ويدل على جواز هذا النوع هذا الحديث، وما في معناه، مثل ما جاء في الوليمة، وفي حَفْر الخَنْدَق، وفي حَدْو الحبشة، وسلمة بن الأكوع.
فأما ما ابتدعه الصوفيّة اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة، فمن قبيل ما لا يُختَلَف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية، والأغراض الشيطانية قد غلبت على كثير ممن يُنسب إلى الخير، وشُهِر بذكره حتى عَمُوا عن تحريم ذلك، وعن فُحْشه، حتى قد ظهرت منْ كثير منهم عَوَاراتُ الْمُجَّان، والمخانيث، والصبيان، فَيَرقُصُون، ويَزْفِنون بحركات متطابقة، وتقطيعات متلاحقة، كما يَفعل أهل السفَه والمجون، وقد انتهى التواقح بأقوام منهم إلى أن يقولوا: إن تلك من أبواب القُرَب، وصالحات الأعمال، وأن ذلك يُثمر صفاء الأوقات، وسنيّات الأحوال، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة، وقول أهل البطالة، والمخرقة، نعوذ باللَّه من البدع، والفتن، ونسأله التوبة، والمشي على السُّنَن انتهى كلام القرطبي رحمه اللَّه تعالى (١) وهو بحث نفيس، وتحقيق أنيس.
وقال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-بعد ذكر كلام القرطبي هذا -: ما نصه: وينبغي أن يُعكس مرادهم، ويقرأ "سيء" يعني قوله. "سنيّ الأحوال" عوض النون الخفيف المكسورة بغير همز، بمثنات تحتانية ثقيلة مهموزا - أي فيقال:"وسيّئات الأحوال". انتهى. واللَه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[خاتمة]: في بيان مسألة مهمة طالما يتسائل الناس عن حكمها، وهي مسألة التهنئة بمناسبة العيد ونحوه.
(اعلم): أن أصل التهنئة ورد في عدة مناسبات:
فمنها: ما أخرجه الشيخان من حديث أنس - رضي اللَّه عنه - قال: أنزلت على النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الآي: [الفتح: ٢] مرجعه من الحديبية، فقال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لقد أنزِلَت عليَّ آية أحبّ إليّ مما على وجه الأرض" ثم قرأها عليهم فقالوا: هنيئًا لك يا رسول اللَّه.
ومنها: ما أخرجه أحمد، ومسلم عن أبي بن كعب - رضي اللَّه عنه - أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - سأله أيُّ آية في كتاب اللَّه أعظم؟، قال: آية الكرسي، قال:"ليَهْنِكَ العلم أبا المنذر".
ومنها: ما أخرجه الشيخان عن كعب بن مالك - رضي اللَّه عنه - في قصة توبته، قال: وانطَلَقْتُ