للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من رأي الرجال، وهذا أيضًا رأي الإِمام أحمد، فعلى ما نقل عن أبي داود يحتمل أن يريد بقوله: "صالح " الصالح للاعتبار دون الاحتجاج، فيشمل الضعيف أيضًا (١).

وقال الشوكاني: قال الإِمام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير: إنه أجاز ابن الصلاح والنووي وغيرهما من الحفاظ العمل بما سكت عليه أبو داود لأجل هذا الكلام المروي عنه وأمثاله بما روي عنه، قال النووي: إلَّا أن يظهر في بعضها أمر يقدح في الصحة والحسن فيجب ترك ذلك، قال ابن الصلاح: وعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكورًا مطلقًا ولم نعلم صحته، عرفنا أنه من الحسن عند أبي داود؛ لأن ما سكت عنه يحتمل عند أبي داود الحسن والصحة.

وقد اعتنى المنذري في نقد الأحاديث المذكورة في أبي داود، وبيّن ضعف كثير بما سكت عنه، فيكون خارجًا عما يجوز العمل به، وما سكتا عليه جميعًا فلا شك أنه صالح للاحتجاج إلا في مواضع يسيرة قد نبهت على بعضها في هذا الشرح (٢).

وذكر الحافظ ابن حجر قول ابن منده, ثم قال: من هنا يظهر لك طريق من يحتج بكل ما سكت عليه أبو داود، فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عليها، كابن لهيعة، وصالح مولى التوأمة، وموسى بن وردان، فلا ينبغي للناقد أن يتابعه في الاحتجاج بأحاديثهم، بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع يعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه؟ لا سيما إن كان مخالفًا لرواية من هو أوثق منه، فإنه ينحط إلى قبيل المنكر، وقد يخرج أحاديث من هو أضعف من هؤلاء بكثير، كالحارث بن وجيه، وصدقة بن موسى الدقيقي، ومحمد بن


(١) "تدريب الراوي" (ص ٩٧).
(٢) "نيل الأوطار" (١/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>