فيؤتى بالفعل لا محالة، وهو تفسير وجوب العمل، ويعتقد على الإبهام على أن ما أراد الله تعالى بالصيغة من الوجوب القطعي أو الندب فهو حق؛ لأنه إن كان واجبًا عند الله فخرج عن العهدة بالفعل، فيأمن الضرر، وإن كان مندوبًا يحصل له الثواب، فكان القول بالوجوب على هذا الوجه أخذًا بالثقة والاحتياط واحترازًا عن الضرر بالقدر الممكن.
وما ذكره من دلائل الإباحة والحل فنحن نقول بموجبها: إن النكاح مباح وحلال في نفسه، لكنه واجب لغيره أو مندوب ومستحب لغيره من حيث إنه صيانة للنفس من الزنا ونحو ذلك على ما بيَّنَّا، ويجوز أن يكون الفعل الواحد حلالًا بجهة، واجبًا أو مندوبًا إليه بجهة، إذ لا تنافي عند اختلاف الجهتين، وأما قوله عزَّ وجلَّ:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} الآية، فاحتمل أن التخلي للنوافل كان أفضل من النكاح في شريعته، ثم نُسخ ذلك في شريعتنا بما ذكرنا من الدلائل، ملخص ما في "البدائع".
وقال في "الدر المختار"(١): ويكون واجبًا عند التوقان، فإن تيقن الزنا إلَّا به فرض، وهذا إن ملك المهر والنفقة وإلَّا فلا إثم بتركه، ويكون سنَّة مؤكدة في الأصح فيأثم بتركه، ويثاب إن نوى تحصينًا وولدًا حال الاعتدال، أي: القدرة على وطء ومهر ونفقة، ومكروهًا تحريمًا لخوف الجور، فإن تيقنه حرم ذلك.
(١)(بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ)
أي: الترغيب فيه والحث عليه
٢٠٤٦ - (حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن الأعمش،