فإن قلت: قد أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالغلظة على الكفار والمنافقين، ولم يأمره بالرفق بهم؟
قلت: إنما أمره الله تعالى بالغلظة, لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان شديد الرفق، فهذا يدل على شدة رفقه، ولا يدل على أنه لم يكن فيه - صلى الله عليه وسلم - رفق.
(٢)(بَابٌ: فِي الهِجْرَةِ، هَلْ انْقَطَعَتْ؟ )
عقد هذا الباب للإشارة إلى اختلاف الروايات في انقطاع الهجرة، وإلى وجه الجمع بينهما، فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح" يقتضي أن الهجرة بعد فتح مكة انقطعت، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة"، يقتضي أن الهجرة لا تنقطع إلى أن تطلع الشمس من مغربها، ووجه الجمع بينهما: أن الأول محمول على أنه انقطعت الهجرة من مكة بعد الفتح, لأنها صارت دار الإسلام بعد أن كانت دار الكفر والحرب، وأما قوله الثاني فمعناه: لا تنقطع الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام إلى يوم القيامة.
٢٤٧٩ - (حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنا عيسى) بن يونس، (عن حريز) بفتح المهملة وآخره زاي، ابن عثمان، (عن عبد الرحمن بن أبي عوف) الجرشي بضم الجيم وفتح الراء بعدها مهملة، الحمصي القاضي، قال الآجري عن أبي داود: شيوخ حريز ثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: شامي تابعي ثقة، وذكره ابن منده في "الصحابة"، ويقال: أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن القطان: مجهول الحال.
(عن أبي هند) البجلي، شامي، ذكره العسكري في الصحابة، وقال