للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩٤) بَابٌ: في تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ

===

بل قيل: إنها من الواجبات لمن له سعة، وتركها غفلة عظيمة وجفوة كبيرة، وفيه إشارة إلى حديث استدل به على وجوب الزيارة وهو قوله (١) - صلى الله عليه وسلم -: "من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني"، رواه ابن عدي بسند حسن.

وجزم (٢) بعض المالكية بأن المشي إلى المدينة أفضل من الكعبة وبيت المقدس.

بقي الكلام: هل يستحب زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - للنساء أو يكره؟ فالصحيح أنه يستحب بلا كراهة إذا كانت بشروطها على ما صرح به بعض العلماء، أما على الأصح من مذهبنا وهو قول الكرخي وغيره من أن الرخصة في زيارة القبور ثابتة للرجال والنساء جميعًا، فلا إشكال، وأما على غيره فكذلك نقول بالاستحباب لإطلاق الأصحاب، والله أعلم بالصواب.

(٩٤) (بابٌ: فِى تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ)

وقد اختلف العلماء في تحريم المدينة وعدم تحريمها، فقال محمد بن أبي ذئب والزهري والشافعي ومالك وأحمد (٣) وإسحاق: المدينة لها حرم، فلا يجوز قطع شجرها ولا أخذ صيدها، ولكنه لا يجب الجزاء فيه عندهم، خلافًا لابن أبي ذئب؛ فإنه قال: يجب الجزاء، وكذلك لا يحل سلب من يفعل ذلك عندهم إلَّا عند الشافعي في قوله القديم؛ فإنه قال فيه: من اصطاد في المدينة صيدًا أخذ سلبه، وقال في الجديد بخلافه، وقال ابن نافع: سئل مالك عن قطع سدر المدينة وما جاء فيه من النهي؟ فقال: إنما نهى عن قطع سدر المدينة لئلا توحش، وليبقى فيها شجرها، ويستأنس بذلك، ويستظل به من هاجر إليها.


(١) وفي الباب روايات كثيرة، ذكرها السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٥٦٩). (ش).
(٢) كذا في الأصل، وفي "شرح اللباب": "صَرَّح".
(٣) قلت: وفي مذهب الحنابلة فرق بين حرم المدينة ومكة، كما بسطه في "المغني" (٤/ ١٩٣)، وفيه اختلاف عند الشافعي، كما في "مناسك النووي" (ص ٥٣٣). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>