للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال ابن حزم: من احتطب في حرم المدينة، فحلال سلبه وكل ما معه في حاله تلك، وتجريده إلا ما يستر عورته؛ لحديث سعد بن أبي وقاص.

وقال الثوري وعبد الله بن المبارك وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس للمدينة حرم كما كان لمكة، فلا يمنع أحد من أخذ صيدها وقطع شجرها، وأجابوا عن الحديث (١) بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك لا لأنه لِمَا ذكروه من تحريم صيد المدينة وشجرها، بل إنما أراد بذلك بقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها، كما ذكرنا عن قريب عن ابن نافع عن مالك، وذلك كمنعه - صلى الله عليه وسلم - من هدم آطام المدينة، وقال: "إنها زينة المدينة"، على ما رواه الطحاوي (٢) بسنده عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن آطام المدينة أن تُهدَم"، وفي رواية: "لا تُهدَم (٣) الآطام؛ فإنها زينة المدينة"، وهذا إسناد صحيح.

ثم ذكر الطحاوي دليلًا على ذلك من حديث حميد الطويل عن أنس قال: "كان لأبي طلحة ابن من أم سليم يقال له: أبو عمير، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضاحكه إذا دخل، وكان له نغير، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أبا عمير حزينًا، فقال: ما شأن أبي عمير؟ فقيل: يا رسول الله، مات نُغيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا عمير! ما فعل النغير؟ "، وأخرجه من أربع طرق، وأخرجه مسلم أيضًا.

قال الطحاوي: فهذا قد كان بالمدينة، ولو كان حكم صيدها كحكم صيد مكة إذًا لما أطلق له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبس النغير، ولا اللعب به، كما لا يطلق ذلك بمكة.


(١) يعني به حديثَ أنس المرفوع: "المدينة حرم من كذا إلى كذا، لا يُقطَع شجرها ... إلخ". أخرجه البخاري (١٨٦٧).
(٢) "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٩٤).
(٣) كذا في الأصل، وفي العيني، و"شرح المعاني": "لا تهدموا"، بصيغة الجمع مبنيًا على الفاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>