للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأجيب عنه باحتمال أن يكون من صيد الحل، قلت: لا تقوم الحجة بالاحتمال الذي لا ينشأ عن دليل، وردَّ أيضًا بأن صيد الحل إذا دخل الحرم يجب عليه إرساله فلا يرد علينا.

قلت: وهذا الجواب لا يتمشى على أصل الشافعي، فإن عنده إذا أخذ الرجل صيد الحل؛ ثم أدخله في الحرم، لا يجب عليه إرساله، سواء كان في يده أو في قفصه، نعم يتمشى على أصلنا، ولكن هذا لا يكفي في الجواب.

ثم قال الطحاوي: فإن قال قائل: قد يجوز أن يكون هذا الحديث بقناة (١)، وذلك الموضع غير موضع الحرم، فلا حجة لكم في هذا الحديث، فنظرنا هل نجد مما سوى هذا الحديث ما يدل على شيء من حكم صيد المدينة؟ !

فإذا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي وفهد حدثانا بسندهما، عن مجاهد قال: قالت عائشة: "كان لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحش، فإذا خرج لعب واشتد وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دخل؛ ربضَ فلم يترمرم كراهة أن يؤذيه"، فهذا بالمدينة في موضع قد دخل فيما حرم منها، وقد كانوا يؤوون فيها الوحوش، ويتخذونها، ويغلقون دونها الأبواب، وقد دل هذا أيضًا على أن حكم المدينة في ذلك بخلاف حكم مكة، وإسناده صحيح، أخرجه أحمد في "مسنده".

وروى الطحاوي أيضًا من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمة بن الأكوع: "أنه كان يصيد، ويأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - من صيده، فأبطأ عليه فجاء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما الذي حبسك؟ فقال: يا رسول الله! انتفى عنا الصيد فصرنا نصيد ما بين تيت (٢) إلى قناة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنك لو [كنت]


(١) كذا في العيني، وفي الطحاوي (٤/ ١٩٥): "بقباء". (ش).
(٢) تِيْت: بكسر التاء المثناة من فوق، وسكون الياء، وفي آخره تاء مثناة أخرى، ولقال: تَيِّت على وزن "سَيِّد"، قال الصغاني: هو جبل قرب المدينة على بريد منها. كذا في "العمدة" (٧/ ٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>