قلت: وكذلك عند الحنفية، قال في "الهداية" (١/ ٣٨٤): إذا افتتح الإِمام بلادًا عنوةً فهو بالخيار، إن شاء قسمها بين المسلمين كما فعل عليه الصلاة والسلام بخيبر، وإن شاء أقرَّ أهله، ووَضَعَ عليهم الجزيةَ وعلى أراضيهم الخراجَ، كما فعل عمر - رضي الله عنه - بسواد العراق بموافقة من الصحابة، وفي العقار خلاف الشافعي ... إلخ. قلت: ويرد تأويل الشافعية بالاستطابة ما في "البخاري" (٣٠٥٩): "وايْمُ الله إنَهم ليرون أني قد ظلمتهم ... " الحديث، فإنه لو استطابهم كيف يقولون بظلمه؟ . (ش). (٢) وفي "البدائع" (٦/ ٩٢): الأراضي التي فُتِحَتْ عنوةً فمن الإِمام على أهلها، فيضع عليها الخراج. وأرض السواد كلها خراجية؛ لأن عمر - رضي الله عنه - ضرب عليها الخراج بمحضر من الصحابة، إلى آخر ما قال. قال العيني (١٠/ ٤٥٦): قد اختلف العلماء في حكم الأرض، فقال أبو عبيد: وجدنا الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده، قد جاءت في افتتاح الأرض ثلاثة أحكام: أرض أسلم أهلها عليها فهي لهم ملك، وهي أرض عشر لا شيء فيها غيره، وأرضٌ افْتُتِحَتْ صلحًا على خراج معلوم، فهم على ما صولحوا عليه، لا يلزمهم أكثر منه، وأرض أُخذت عنوةً، هي التي اختلف فيها المسلمون إلى آخر ما بسط الاختلاف. وقال القسطلاني (٧/ ٤١): والذي تقرر أن مذهب الحنفية والحنابلة أن الإِمام مخيَّر فيما فتح عنوةً بين قسمة أرضه كالمنقولات ووقفها، ومذهب الشافعية القسمة لمن حضر، وعن المالكية أنها تصير وقفًا بنفس الظهور، انتهى. وحكى الموفق (٤/ ١٨٩) فيه ثلاث روايات: الأولى: ما تقدَّم عن القسطلاني ورجحها، والثانية: أنها تصيرُ وقفًا بنفس الاستيلاء، والثالثة: أن الواجب قسمتها. =