للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٠) بَابٌ: في الشِّرْكَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ مَالٍ

===

(٣٠) (بَابٌ: في الشِّرْكةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ مَالٍ)

قال الشوكاني (١): استدل بحديث أبي عبيدة على جواز شركة الأبدان، كما ذكره المصنف، وهي أن يشترك العاملان فيما يعملانه، فيوكل كل واحد منهما صاحبه أن يتقبل ويعمل عنه في قدر معلوم بما استؤجر عليه ويعينان الصنعة، وقد ذهب إلى صحتها مالك بشرط اتحاذ الصنعة، وإلى صحتها ذهب العترة وأبو حنيفة وأصحابه.

وقال الشافعي: كلها باطلة؛ لأن كل واحد منهما متميز ببدنه ومنافعه، وهذا كما لو اشتركا في ماشيتهما ليكون الدَّر والنسل بينهما، فلا يصح.

وأجابت الشافعية عن هذا الحديث: بأن غنائم بدر كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدفعها لمن يشاء، وهذ الحديث حجة على أبي حنيفة وغيره ممن قال: إن الوكالة في المباحات لا تصح، انتهى.

قلت: وهذا الكلام يوهم بأن الشوكاني ظن أن هذه الشركة من أفراد الشركة الجائزة عند الحنفية، وجزئية من جزئياتها، وكل من الشركة في الأبدان والشركة في تملك المباحات واحد عندهم، وكل واحد من الشريكين وكيل من الآخر، وهذا غلط وغفلة من الشوكاني.

وما أشار إليه بقوله: "كما ذكره المصنف" بأن المصنف صاحب "المنتقى" شيخ الإِسلام ابن تيمية قال بذلك، وهو أيضًا غير صحيح، فإنه قال: فهو حجة في شركة الأبدان أي عند قائلها، وتملك المباحات عند القائل بها، فإن عند الحنفية- كثرهم الله تعالى- فرقًا بين شركة الأبدان- التي تسمى شركة الصنائع وشركة التقبل- وبين شركة في تملك المباحات، فإن الشركة في الأبدان جائزة عندهم، والشركة في تملك المباحات لا تجوز، وصاحب "المنتقى" أشار في كلامه إلى ذلك، وخلطه الشوكاني ولم يفرق بينهما.


(١) "نبل الأوطار" (٣/ ٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>