للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان له كُمَّان: كُم واسع، وكم ضيق، فسئل عن ذلك، فقال: الواسع للكتب، والثاني لا نحتاج إليه.

وقال: من اختصر على لباس دُوْنٍ ومطعم دُوْنٍ أراح جسده (١).

[اعتزازه بكرامة العلم والعلماء]

ومما يدل على هذا الاعتزاز ما ذكره الإِمام الخطابي بسنده عن أبي بكر بن جابر- خادم أبي داود - قال: كنت مع أبي داود ببغداد، فصلينا المغرب، إذ قُرع الباب ففتحته، فإذا خادم يقول: هذا الأمير أبو أحمد الموفق يستأذن، فدخلت إلى أبي داود، فأخبرته بمكانه، فأذن له فدخل وقعد، ثم أقبل عليه أبو داود وقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا الوقت؟ قال: خلال ثلاث، قال: وما هي؟ قال: تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطنًا ليرحل إليك طلبة العلم من أقطار الأرض، قال: هذه واحدة، هات الثانية، قال: تروي لأولادي كتاب "السنن"، قال: نعم، هات الثالثة، فقال: تفرد لهم الرواية, فإن أولاد الخلفاء لا يجلسون مع العامة، فقال: أما هذه فلا سبيل إليها، فإن الناس شريفهم ووضيعهم في العلم سواء، قال ابن جابر: فكانوا يحضرون بعد ذلك ويقعدون، ويضرب بينهم وبين الناس سِتر فيسمعون مع العامة (٢)! !

وهكذا فليكن العلماء، لا يَسْعَوْن إلى الملوك والأمراء، وإنما يسعى إليهم الملوك والأمراء، وهكذا فلتكن المساواة في العلم والمعرفة.

[اعتراف الأئمة بفضله وكماله]

كان أبو داود عَلَمًا من أعلام الإِسلام حفظًا وفقهًا وعلمًا بالأحاديث


(١) "تهذيب ابن عساكر" (٦/ ٢٤٦).
(٢) "مقدمة معالم السنن" (ص ٢)، و"تهذيب ابن عساكر" (٦/ ٢٤٥)، و"طبقات الشافعية" (٢/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>