للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٤٦) بابُ الْقُنُوتِ في الصَّلَوَاتِ

===

وقال الآخرون: إذا أوتر من أول الليل، ثم قام من آخره، يصلي ما بدا له من صلاة التهجد ولا ينقض وتره, لأنه لا يجوز نقضه بل لا يمكن, لأن الرجل إذا أوتر أول الليل فقد قضى وتره، فإذا هو نام بعد ذلك، ثم قام وتوضأ وصلَّى ركعة أخرى، فهذه صلاة غير تلك الصلاة، وغير جائز في النظر أن تتصل هذه الركعة بالركعة الأولى التي صلاها في أول الليل، فلا يصيران صلاة واحدة، وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام في الغالب، وإنما هما صلاتان متباينتان كل واحدة منهما غير الأولى، فمن فعل ذلك فقد أوتر مرتين، بل ثلاث مرات، مرة في أول الليل، ومرة ثانية بهذه الركعة التي صلَّى ينوي نقض الوتر، ثم إذا هو أوتر أيضًا في آخر صلاته صار موترًا ثلاث مرات في ليلة واحدة، وخالف قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"، لأنه جعل الوتر في مواضع من الليل في أولها وأوسطها وآخرها، وخالف قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا وتران في ليلة", لأنه زاد على وترين، وأوتر ثلاث مرات، وهذا قول أبي حنيفة وغيرهم من الأئمة، وقالوا: إن الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوا آخر صلاتكم"، الحديث، ليس للوجوب, لأنه قد تقدم أنه قد روي من غير وجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صلَّى السبحة بعد الوتر، والله تعالى أعلم.

وأما أداء طلق بن علي صلاة التراويح مرتين، فيمكن أن يوجه أنه صلَّى عند ابنه قيس بن طلق بعضها مع الوتر، ثم صلَّى ما بقي منها بأصحابه في مسجده (١).

(٣٤٦) (بَابُ الْقُنُوتِ) أي: الدعاء (في الصَّلَوَاتِ) أي: المكتوبات

قلت: قد عقد صاحب "منتقى الأخبار" "باب القنوت في المكتوبة عند


(١) ووجه الشيخ الكَنكَوهي بأنه صلَّى أولًا التراويح في مسجد ابنه، ثم صلَّى في آخر الليل التهجد في مسجده، ولم يوتر بعده لما أنه قد أوتر مع التراويح. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>