للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٤٦) بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

===

قال في "البدائع" (١): ولو اقتدى بالإمام في أقصى المسجد، والإمام في المحراب جاز, لأن المسجد على تباعد أطرافه جعل في الحكم كمكان واحد، ولو وقف على سطح المسجد واقتدى بالإمام، فإن كان وقوفه خلف الإِمام أو بحذائه جاز، لما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه وقف على سطح واقتدى بالإمام، وهو في جوفه، ولأن سطح المسجد تبع للمسجد، وحكم التبع حكم الأصل، فكأنه في جوف المسجد، وهذا إذا كان لا يشتبه عليه حال إمامه، فإن كان يشتبه لا يجوز، وإن كان وقوفه مقدمًا على الإِمام لا يجزئه لانعدام معنى التبعية، كما لو كان في جوف المسجد، انتهى.

وإن كان المراد من الحجرة حجرة بعض أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، ففي هذه الصورة أيضًا يصح اقتداؤهم به - صلى الله عليه وسلم -.

قال في "البدائع": ولو كان بينهما حائط ذكر في "الأصل" أنه يجزئه، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يجزئه، وهذا في الحاصل على وجهين: إن كان الحائط قصيرًا ذليلًا بحيث يتمكن كل أحد من الركوب عليه، كحائط المقصورة لا يمنع الاقتداء, لأن ذلك لا يمنع التبعية في المكان، ولا يوجب خفاء حال الإِمام، انتهى.

وفي الحديث ههنا تصريح بأن جدار الحجرة كان قصيرًا، كما في رواية البخاري (٢)، وكان جدار الحجرة قصيرًا، يرى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا يمنع التبعية ولا يشتبه حال الإِمام، فيصح الاقتداء.

(٢٤٦) (بَابُ الصَّلَاةِ) (٣) أي التطوع (بَعْدَ الْجُمُعَةِ)


(١) " بدائع الصنائع" (١/ ٣٦٢).
(٢) "صحيح البخاري" (٧٣٩).
(٣) وذكره ابن العربي، وأنكر الصلاة بعد الجمعة لقوله تعالى: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} , وبسط الاختلاف فيه. (انظر: "عارضة الأحوذي" (٢/ ٣١١). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>