للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالنَّاسُ يَأتَمُّونَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ". [خ ٧٢٩، حم ٤/ ٣٠، ق ٣/ ١١٠]

===

في المسجد، يدل عليه صنيع البخاري، فإنه ذكر في "باب إذا كان بين الإِمام وبين القوم حائط أو سترة"، فأورد فيه أولًا حديث عائشة، ولفظه: "يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - وظاهر السياق يدل على أنها كانت من الحصير, لأن قصر جدار الحجرة حتى يرى شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكون إلَّا في حجرة الحصير، فإن جدر حجرات أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن تكون قصيرة بهذه المثابة.

ثم أخرج بعد ذلك عن عائشة -رضي الله عنها - في "باب صلاة الليل"، ولفظه: "كان له حصير يبسطه بالنهار، ويحتجره بالليل، فثاب إليه ناس فصلوا وراءه".

قال الحافظ (١) في شرح هذا الحديث: وغرضه بيان أن الحجرة المذكورة في الرواية التي قبل هذه كانت حصيرًا. ثم أخرج حديث زيد بن ثابت ولفظه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ حجرة" قال: حسبت أنه قال: من حصير، الحديث.

(والناس يأتمون به من وراء الحجرة) ومذهب الحنفية في هذه المسألة أن اقتداء الصحابة -رضي الله عنهم - برسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيح سواء كان المراد من الحجرة (٢) حجرة بعض أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، أو حجرة الحصيرة التي احتجرها في المسجد، فإن كان المراد بالحجرة حجرة الحصير فوجه الصحة ظاهر، فإن المانع من الاقتداء عند الحنفية إما اختلاف المكان، أو اشتباه حال الإِمام، ولم يوجد ههنا واحد منهما، فإن المسجد مع تباين أطرافه كبقعة واحدة، فلم يختلف المكان.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢١٥).
(٢) ذكر في "فيض الباري" (٢/ ٢٣٨): اختلفوا في المراد بالحجرة، وحمله الطحاوي على حجرة عائشة، والآخرون على حجرة الحصير، وعندي التعدد، انتهى. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>