للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ احْتَلَمَ (١) , فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ, فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِى رُخْصَةً فِى التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا (٢): مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ, فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ, فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ, قَتَلَهُمُ اللَّهُ تعالي

===

الشجُّ: ضرب الرأس خاصة وجرحه وشقه، ثم استعمل في غيره من الأعضاء (ثم احتلم، فسأل) أي ذلك الرجل (أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء)

أفتوا ذلك لأنهم غفلوا عن اليسر في الشريعة، وأن ليس المراد من الوجدان في قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا} على الحقيقة، بل تعم عدم الوجدان صورة ومعنى، ومعنى فقط، فعدم الوجدان صورة ومعنى فهو أن يكون بعيدًا عنه، وأما العدم من حيث المعنى فقط فهو أن يعجز عن استعمال الماء مع قربه لمانع، كما إذا لم يجد آلة الاستقاء على رأس البئر، أو كان بينه وبين الماء عدو أو سبع أو حية أو يخاف العطش على نفسه، فيكون عادمًا للماء معنى، لأن الله تعالى حرم إلقاء النفس إلى التهلكة.

(فاغتسل) أي فدخل الماء في جرحه (فمات) أي من الغسل، (فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك) أي الخبر (فقال: قتلوه) أسند القتل إليهم, لأنهم تسببوا بتكليفهم به باستعمال الماء مع وجود الجرح في رأسه، ليكون أدل على الإنكار عليهم "علي القاري" (٣).

(قتلهم الله تعالى) إنما قاله زجرًا وتهديدًا، وأخذ منه أن لا قود ولا دية على المفتي وإن أفتى بغير الحق، وإن صاحب الخطأ الواضح غير معذور.


(١) وفي نسخة: "فاحتلم".
(٢) وفي نسخة: "فقالوا".
(٣) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>