للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ يَعْرِفُهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا مِنَ السِّتّينَ (١) إِلَى الْمِئَةِ". [خ ٧٧١، م ٦٤٧، ن ٤٩٥، جه ٦٧٤، حم ٤/ ٤٢٠]

===

كان يعرفه) أي الذي بجنبه، هكذا في النسخة الدهلوية، وفي المكتوبة القديمة، وكذا في الكانفورية بزيادة لفظ "ما" النافية، وأما النسخة المصرية (٢) والنسخة التي اختارها صاحب "عون المعبود" فليس فيها زيادة لفظ "ما" النافية، والظاهر (٣) أنها الصواب, لأنهما موافقتان لرواية البخاري، ولفظها من طريق شعبة: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه وفي رواية له من طريق عوف: "وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه وكذلك في رواية لمسلم ولفظه: "فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرفه فيعرفه وله في أخرى: "وننصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض"، ولو سلم صحة هذا اللفظ فيمكن أن يحمل عدم المعرفة قبل الشروع من الصلاة والمعرفة على ما بعد الفراغ منها.

(وكان) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يقرأ فيها) أي في صلاة الصبح (من الستين إلى المئة) يعني من الآي، الظاهر أن هذا القدر من القراءة ما كانت في الركعتين، وقَدَّرها في رواية للطبراني بسورة "الحاقة" ونحوها، والاستدلال بهذا الحديث على التعجيل بصلاة الصبح ممنوع, لأن المسجد الشريف كان مسقفًا، فابتداء معرفة الإنسان وجه جليسه لا يكون في أواخر الغلس، بل يحصل إذا كان الإسفار جدًّا، وكذلك عدم المعرفة قبل الصلاة لا يقتضي التغليس، بل يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الصبح في أواخر الغلس وأوائل الإسفار، وعدم المعرفة كانت لأجل كون المسجد مسقفًا، ولأن قراءة نحو سورة "الحاقة" ليست بطويلة حتى يستدل بها على التغليس، والله أعلم.


(١) وفي نسخة: "بالستين".
(٢) وليس أيضًا في نسخة ابن رسلان، وقال: هذا يخالف حديث عائشة: "ما يعرفن من الغلس" إلَّا أن يقال: هذا متعلق بمن تلَفَّفَ بالجلباب. (ش).
(٣) واختاره في "فيض الباري" (٢/ ١١٠). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>