للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ويصلي قبل الوقت، وقال الطحاوي (١): إنما تتفق معانى الآثار بأن يكون دخوله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح مغلسًا، ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرًا.

وقال البهكلي (٢) في "شرح النسائي": وقد جمع بعضهم بتعدد القصة، فتارة فعل التغليس وتارة فعل الإسفار، وهاهنا وجه آخر يتمشى على القواعد الأصولية، وهي أن الخطاب الخاص بالأمة لا يعارضه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالأمر للأمة بالإسفار لا يشمل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ظاهرًا ولا نصًّا، فيكون فعله التغليس، ومداومته عليه لا يقدح في أحاديث الإسفار للأمة، إلَّا أن هذا يتم لو كان التغليس من خصائه ولم يفعله معه الصحابة.

أما والحال أن الصحابة فعلوه معه وبعده، فلا يتم لنا الجمع بهذه القاعدة، فلا بد من التأويل الذي جنح إليه الطحاوي، أو بتعدد القصة، أو بالتفرقة باعتبار الأوقات كما في حديث معاذ بن جبل: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فقال: يا معاذ إذا كان في الشتاء فغلس بالفجر وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس، ولا تملهم، وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر، فإن الليل قصير والناس ينامون، فأمهلهم حتى يدركوا"، رواه الحسين بن مسعود البغوي في "شرح السنة"، وأخرجه بقي بن مخلد في "مسنده" والمصنف، وأخرج أبو نعيم في "الحلية"، فهذا يكون وجهًا للجمع بأن التغليس في الشتاء والإسفار في الصيف.


(١) "شرح معاني الآثار" (١/ ١٧٦).
(٢) ولم أجد بعد من هو. (ش) [قلت: هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن علي البهكلي الضمدي، (١١٨٢ - ١٢٤٨ هـ)، من مؤلفاتة: "تيسير اليسرى بشرح المجتبى من السنن الكبرى"، مات متأثرًا من سم دسَّ له، انظر: "معجم المؤلفين" (٥/ ١١٧)، و"الأعلام" (٣/ ٢٩٨)].

<<  <  ج: ص:  >  >>