للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ حَدَّثْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: "أَعُوذُ باللَّهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيم، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". قَالَ: أَقَطْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "فَإِذَا قَال ذَلِكَ قَال الشَّيْطَانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ الْيَوْمِ".

===

(فقلت له) أي لعقبة: (بلغني أنك حدثت) على صيغة المعلوم، (عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -)، كان حيوة بن شريح بلغه هذا الحديث عن عقبة بواسطة، فأحب أن يحدثه مشافهة فيسقط الواسطة، ويحصل له العلو في السند في هذا الحديث (أنه) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كان إذا دخل المسجد) أي أراد الدخول (قال: أعوذ بالله العظيم وبوجهه) أي ذاته (الكريم وسلطانه) أي غلبته (القديم من الشيطان الرجيم).

قال القاري: الرجيم فعيل بمعنى مفعول، أي المطرود من باب الله، أو المشتوم بلعنة الله. الظاهر أنه خبر معناه الدعاء يعني اللَّهُم احفظني من وسوسته وإغوائه وخطراته وإضلاله، فإنه السبب في الضلالة والباعث على الغواية والجهالة، وإلا ففي الحقيقة أن الله هو الهادي المضل، ولذا قال بعض العارفين: لولا أنَّ الله أمرني بالاستعاذة منه لما تعوَّذت منه، فإنه أحقر وأصغر، ويحتمل أن يكون التعوذ من صفاته وأخلاقه من الحسد والكبر والعجب والغرور والإباء والإغواء.

(قال) أي عقبة: (أقط؟ ) (١) الهمزة للاستفهام، أي انتهى الحديث الذي بلغك عني، (قلت: نعم) هذا الذي بلغني عنك فقط (قال) عقبة، ويمكن أن يكون مرجع الضمير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمعناه على الأول قال عقبة: لم ينته الحديث على ما ذكرت من الكلام فقط، بل بعده في الحديث (فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ) أي الداعي بهذا الدعاء (مني سائر اليوم) (٢) أي بقيته


(١) بفتح القاف وسكون الطاء ويجوز كسرها بمعنى حسب. (ش).
(٢) وكذا الليل فذكر اليوم تشبيه، وقيل: المراد به مطلق الوقت. "ابن رسلان". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>