للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ (١) ". [راجع تخريج الحديث رقم ١٨٤]

===

(فقال: صلوا فيها فإنها بركة) قال الشوكاني (٢): والحديث يدل على جواز الصلاة في مرابض الغنم، وعلى تحريمها في معاطن الإبل، وإليه ذهب أحمد بن حنبل فقال: لا تصح بحال، فإن صلَّى فيها أعاد (٣) أبدًا، وقال ابن حزم: لا تحل في معاطن إبل.

وذهب الجمهور إلى حمل النهي على الكراهة مع عدم النجاسة، وعلى التحريم مع وجودها، وهذا إنما يتم على القول بأن علة النهي هي النجاسة، وذلك متوقف على نجاسة أبوال الإبل وأزبالها, ولو سلمنا النجاسة فيه لم يصح جعلها علة, لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم، إذ لا قائل بالفرق بين أرواث كل من الجنسين وأبوالها، كما قال العراقي.

وأيضًا قد قيل: إن حكمة النهي (٤) ما فيها من النفور، فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها، أو أذى يحصل له منها أو تشوش الخاطر الملهي عن الخشوع في الصلاة، وبهذا (٥) علل النهي أصحابُ الشافعي وأصحاب مالك، وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذ.

وإذا عرفت هذا الاختلاف في العلة تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي وهو التحريم، كما ذهب إليه أحمد والظاهرية، وأما الأمر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر إباحة ليس للوجوب اتفاقًا.

قلت: والحق عندي أن النهي في الحديث محمول على التنزيه إذا لم تكن


(١) وفي نسخة: "مباركة".
(٢) "نيل الأوطار" (٢/ ١٦٠).
(٣) وهو رواية ابن حبيب عن مالك، كذا في "الأوجز" (٣/ ٥٠٦). (ش).
(٤) وقيل: علته أن الإِبل ربما يستتر به وبرحاله المتخلي لقضاء الحاجة، ويبول الرجل إلى البعير المبارك فأشبه بيت الخلاء، "ابن رسلان". وبسط الكلام على العلل في "الأوجز" (٣/ ٥٠٤). (ش).
(٥) ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: "فإنها خلقت من الشياطين". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>