للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (١)، فَكَانَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ وُيطْعِمَ كلَّ يَوم مِسْكِينًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ. فَهَذا حَوْلٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ

===

({فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا}) مرضًا يضره الصوم ({أَوْ عَلَى سَفَرٍ}) أي مسافرًا ({فَعِدَّةٌ}) أي فعليه صوم عدة تلك الأيام التي لم يصم فيها لعذر المرض والسفر ({مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}) غير أيام المرض والسفر يقضيها عوضها ({وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}) أي الصوم ثم لا يصومون ({فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}) هي أي الفدية طعام مسكين، هذا على قراءة الجمهور بغير إضافة الفدية إلى الطعام، وقرأ ابن عامر برواية هشام "مساكين" بإضافة الفدية إلى الطعام.

(فكان من شاء أن يصوم صام) أي كانوا لم يتعودوا الصيام فشق عليهم الصوم، فخيروا بين الصوم والإفطار، فمن شاء صام (ومن شاء أن يفطر) أي أن لا يصوم (ويطعم كل يوم مسكينًا أجزأه) أي كفاه (ذلك) أي الإطعام، (فهذا حول)، أي تغير وتحول، فإنه وجب أو أكد صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عاشوراء أولًا، ثم نسخ ذلك بصيام شهر رمضان مخيرًا بين الصيام والفدية، فأذن أن من شاء أن يصوم صام، ومن شاء أن يفطر فعليه أن يطعم كل يوم مسكينًا، فهذا أول الأحوال في الصوم، ثم نسخ ذلك التخيير بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، ووجب على المطيقين غير المريض والمسافر أن يصوموا ولا يفتدوا، وهذا حول ثان، وشرعه المصنف بقوله: (فأنزل الله: {شَهْرُ رَمَضَانَ} (٢)) مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء، فأضيف إليه الشهر وجعل علمًا، ومنع الصرف للتعريف والألف والنون، كما قيل: ابن داية للغراب بإضافة الابن إلى داية البعير، ({الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}) خبر لشهر رمضان أي أبتدئ


(١) سورة البقرة: الآية ١٨٣، ١٨٤.
(٢) يقال: أول من صام شهر رمضان نوح لما خرج من السفينة "ابن رسلان". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>