للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أذَانِهِ أَجْرًا". [ن ٦٧٢، حم ٤/ ٢١، ق ١/ ٤٢٩، ت ٢٠٩، م ٤٦٨، جه ٧١٤ - ٩٨٧]

===

إمامًا لقومك، فأنت إمامهم (واقتد بأضعفهم) (١) أي راع من أحوال المقتدين حال أضعفهم في تخفيف الصلاة، فخفف عليهم الصلاة حسب ما يقتضي حال الأضعف من غير أن تنقص شيئًا من أركان الصلاة وسننها, ولا تطول عليهم حتى تثقل على الضعفاء.

(واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا) واختلف العلماء في أخذ الأجر (٢) على الأذان، فمنعه أبو حنيفة - رحمه الله تعالى- وأصحابه، قال في "البدائع" (٣): ولا على الأذان والإقامة والإمامة لأنها واجبة، وقد روي عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه قال: "آخر ما عهد إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أصلي بالقوم صلاة أضعفهم، وأن أَتَخِذَ مؤذنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا"، ولأن الاستئجار على الأذان والإقامة والإمامة وتعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس عن الصلاة بالجماعة وعن تعليم القرآن والعلم, لأن ثقل الأجر يمنعهم عن ذلك، وإلى هذا أشار الرب جلَّ شأنه في قوله عَز وَجلَّ: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} (٤) فيؤدي إلى الرغبة عن هذه الطاعات، وهذا لا يجوز، وقال تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} (٥) أي على ما تُبَلّغُ إليهم أجرًا وهو


(١) قوَّة للبدن، وقيل: أكثرهم خشوعًا وتذللًا لله تعالى، وقيل: أكثرهم رِقَّةً في القلب، والمعنى أنك لو كنت إمامهم، لكن لا تترك التواضع لهم إذا فرغت من إمامتك، "ابن رسلان".
(٢) قال ابن رسلان: حمله الشافعي على الكراهة، وقال ابن قدامة: لا يجوز أخذ الأجرة عليه في ظاهر المذهب، وكرهه الأوزاعي وابن المنذر وأصحاب الرأي، ورخص مالك وبعض الشافعية, لأنه عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه إجماعًا، فجاز أخذ الأجرة عليه. [انظر: "المغني" (٢/ ٧٠)]. (ش).
(٣) "بدائع الصنائع" (٤/ ٤٤).
(٤) سورة القلم: الآية ٤٦.
(٥) سورة يوسف: الآية ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>