للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهُوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا (١) وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:

===

الصلاة"، والمراد بها الفرض, لأنها التي عرف من عادتهم أنهم يجتمعون لها بخلاف النافلة، ومن قال: إنها كانت نفلًا، فغير معتد به، إلَّا أن في حديث أنس: "فصلَّى بنا يومئذ"، فكأنها نهارية الظهر أو العصر.

(وهو قاعد) لأنه لم يقدر (٢) على القيام (فصلينا وراءه) أي خلفه (قعودًا) أي قاعدين، ظاهره يخالف حديث عائشة الذي عند البخاري ولفظه: "فصلَّى جالسًا وصلَّى وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا"، والجمع بينهما أن في رواية أنس هذه اختصارًا، وكأنه اقتصر على ما آل إليه الحال بعد أمره لهم بالجلوس.

وجمع القرطبي بين الحديثين باحتمال أن يكون بعضهم قعد من أول الحال وهو الذي حكاه أنس، وبعضهم قام حتى أشار إليهم بالجلوس، وهذا الذي حكته عائشة، وتعقب باستبعاد قعود بعضهم بغير إذنه - صلى الله عليه وسلم - بأنه يستلزم النسخ بالاجتهاد, لأن فرض القادر في الأصل القيام.

وجمع آخرون بينهما باحتمال تعدد الواقعة، وفيه بُعد, لأن حديث أنس إن كانت القصة فيه سابقة لزم منه ما ذكرنا من النسخ بالاجتهاد، وإن كانت متأخرة لم يحتج إلى إعادة قول: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به" إلى آخره, لأنهم قد امتثلوا أمره السابق وصلوا قعودًا لكونه قاعدًا، قاله الحافظ في "الفتح" (٣).

(فلما انصرف) أي من صلاته بالسلام (قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) وفي نسخة: "وصلينا".
(٢) وقد صلَّى رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم قاعدًا في ثلاثة مواضع: هذه، وفي وغزوة أحد، وفي مرض موته. قاله ابن رسلان، وبسطه في هامش "اللامع" أيضًا (٣/ ٢١٩). (ش).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>