للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

{إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} , القلب والفتخة وهي خاتم إصبع الرجل، فدل على جواز النظر إلى القدمين، ولأن الله تعالى نهى عن إبداء الزينة، واستثنى ما ظهر منها، والقدمان ظاهرتان، ألا ترى أنهما يظهران عند المشى، فكَانَا من جملة المستثنى من الحظر فيباح إبداؤهما.

وأما حكم ستر العورة في الصلاة ففرض، لقوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (١)، والزينة ما يواري العورة، والمسجد الصلاة، فقد أمر بمواراة العورة في الصلاة، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة للحائض إلَّا بخمار" (٢)، كنى بالحائض عن البالغة, لأن الحيض دليل البلوغ لملازمة بينهما، وإذا كان الستر فرضًا كان الانكشاف مانعًا جواز الصلاة ضرورة، ولكن قليل الانكشاف (٣) لا يمنع الجواز لما فيه من الحرج والضرورة, لأن الثياب لا تخلو عن قليل خرق عادة، والكثير يمنع لعدم الضرورة والحرج.

واختلف في الحد الفاصل بين القليل والكثير فقدَّر أبو حنيفة ومحمد - رحمهما الله- الكثير بالربع، فقالا: الربع وما فوقه من العضو كثير، وما دون الربع قليل، وأبو يوسف جعل الأكثر من النصف كثيرًا وما دون النصف قليلًا، واختلفت الرواية عنه في النصف، فجعله في حكم القليل في "الجامع الصغير"، وفي حكم الكثير في "الأصل".

وجه قول أبي يوسف أن القليل والكثير من المتقابلات، وإنما تظهر بالمقابلة، فما كان مقابله أقل منه فهو كثير، وما كان مقابله أكثر منه فهو قليل.

ولهما أن الشرع أقام الربع مقام الكل في كثير من المواضع كما في حلق الرأس


(١) سورة الأعراف: الآية ٣١.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ١٣٣)، وأحمد في "مسنده" (٦/ ١٥٠ أو ٢١٨ و ٢٥٩).
(٣) وقال ابن قدامة ببطلان الصلاة باليسير من غير الوجه والكفين. [انظر: "المغني" (٢/ ٣٣١)]. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>