للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، أنَا بِكَ وِإلَيْكَ

===

وهي الموافقة والمسارعة، أو أسعد بإقامتي على طاعتك وإجابتي لدعوتك سعادة بعد سعادة (والخير كله) اعتقادًا وقولًا وفعلًا (في يديك) أي في تصرفك وقدرتك وإرادتك.

(والشر ليس إليك) لم يوجد إلَّا في حاشية المجتبائية ونسخة "عون المعبود"، أي لا يتقرب (١) به إليك، أولا يضاف إليك، بل إلى ما اقترفته أيدي الناس من المعاصي، أو ليس إليك قضاؤه، فإنك لا تقضي الشر من حيث هو شر، بل لما يصحبه من الفوائد الراجحة، قاله الطيبي.

وقيل: معناه أن الشر ليس شرًّا بالنسبة إليه، وإنما هو شر بالنسبة إلى الخلق، وقيل: الشر لا يصعد إليك، لقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (٢)، وقيل: الشر لا يضاف إليك بحسن التأدب، ولذا لا يقال: يا خالق الخنازير وإن خلقها، وهذا كقوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (٣) مضيفًا للمرض إلى نفسه، والشفاء لربه، والخضر أضاف إرادة العيب إلى نفسه، وما كان من باب الرحمة إلى ربه، فقال: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا * فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} (٤)، انتهى، كذا قال القاري (٥).

(أنا بك) أي أعوذ وأعتمد بك، وألوذ وأقوم بك (وإليك) أي أتوجه وألتجي وأرجع وأتوب، أو بك وجدت، وإليك أنتهي، فأنت المبدأ والمنتهى، وقيل: أستعين بك وأتوجه إليك، وقيل: أنا موقن بك وبتوفيقك علمت، والتجائي وانتمائي إليك، أو بك أحيى وأموت، وإليك المصير، أو أنا بك إيجادًا وتوفيقًا، وإليك إرجاعًا واعتصامًا.


(١) وكذا قال الطحاوي في "مشكل الآثار" (٤/ ٢٢٣). (ش).
(٢) سورة فاطر: الآية ١٠.
(٣) سورة الشعراء: الآية ٨٠.
(٤) سورة الكهف: من الآية ٧٩ والآية ٨٢.
(٥) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>