للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِى الصَّلَاةِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ حَتَّى يَرْضَى رَبُّنَا, وَبَعْدَ مَا يَرْضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ؟ » قَالَ: فَسَكَتَ الشَّابُّ, ثُمَّ قَالَ: «مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ, فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا؟ » فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ,

===

(خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو) أي الشابُّ أو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (في الصلاة، فقال) الشابُّ: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه حتى يرضى ربنا، وبعد ما يرضى) أي لا ينتهي له الحمد إلى الرضا، فإذا رضي انقطع الحمد له، بل له الحمد قبل الرضا وبعد الرضا أيضًا (من أمر الدنيا والآخرة) لفظ من سببية أو بمعنى على، والمراد بالأمر النعماء الشاملة، أي لأجل نعمائه في الدنيا والآخرة، أو على نعمائه الدنيوية والأخروية.

(فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) من الصلاة إلى الناس (قال: من القائل الكلمة؟ )، والمراد بالكلمة الكلام الذي تكلم به الشاب، وقد تطلق الكلمة على الكلام، كما في قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} (١).

(قال: فسكت الشاب)، وقد استشكل تأخير رفاعة إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كرر سؤاله ثلاثًا مع أن إجابته واجبة عليه، بل وعلى كل من سمع كلام رفاعة، فإنه لم يسأل المتكلم وحده.

وأجيب بأنه لما لم يعين واحدًا بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد بعينه، فكأنهم انتظروا بعضهم ليجيب، وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنًّا منهم أنه أخطأ فيما فعل، ورجوا أن يقع العفو عنه، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى سكوتهم فهم ذلك، فعرفهم أنه لم يقل بأسًا، قاله الحافظ (٢)، (ثم قال: من القائل الكلمة، فإنه لم يقل بأسًا؟ ) أي لم يتكلم بكلمة فيها ضرر (فقال) أي الشاب: (يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) سورة الأنعام: الآية ١١٥.
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>