للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والآيات على وفق العرضة الأخيرة من العرضات المطابقة لما في اللوح المحفوظ، وإن اختلف نزولها منجمًا على حسب ما تقتضي الحالات والمقامات.

ولذا قال الباقلاني: لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في نفس القراءة، وإنما قصد جمعهم على القراءة العامة المعروفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلغاء ما ليس ذلك، وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير إلى آخر ما ذكره.

والحاصل أن هذا المقدار على هذا المنوال هو كلام الله المتعال بالوجه المتواتر الذي أجمع عليه أهل المقال، فمن زاد أو نقص منه شيئًا كفر في الحال.

ثم اتفقوا على أن ترتيب الآي توقيفي, لأنه كان آخر الآيات نزولًا {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (١)، فأمره جبرئيل أن يضعها بين آيتي الربا والمداينة، ولذا حرم عكس ترتيبها، بخلاف ترتيب السور، فإنه لما كان مختلفًا فيه كرهت مخالفته بغير عذر، ولما ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ النساء قبل آل عمران لبيان الجواز، أو نسيانًا ليعلم الصحة به، مع أن الأصح أن ترتيب السور توقيفي أيضًا، وإن كانت مصاحفهم مختلفة في ذلك قبل العرضة الأخيرة التي عليها مدار جمع عثمان، فمنهم من رتبها على النزول، وهو مصحف علي أوله إقرأ، فالمدثر، فنون، فالمزمل، فَتَبَّتْ، فالتكوير، وهكذا إلى آخر المكي والمدني.

ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت ولاءً، وكذلك الطواسين، ولم يرتب المسبحات ولاءً، بل فصل بين سورها، وكذا اختلاط المكيات بالمدنيات، والله أعلم، قاله القاري (٢).


(١) سورة البقرة: الآية ٢٨١.
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٥/ ٣١ - ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>