صوت الهمس، فحصل به المنازعة في قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنهاهم عن القراءة إلَّا بفاتحة الكتاب، والاستثناء بعد النهي يفيد الإباحة، فأباح لهم قراءة الفاتحة.
ووجه الفرق بين الفاتحة وغيرها من السور أن فاتحة الكتاب كثيرة الدوران على الألسنة لا تخلو عنها صلاة تكرر في الركعات كلها، فلهذا لا تقع المنازعة فيها، وأما السور الأخرى فليست كثيرة الدوران على الألسنة، فتقع المنازعة فيها، فنهاهم عنها، وأباح لهم الفاتحة، ثم لما كان لا يخلو قراءة الفاتحة أيضًا عن شيء من المنازعة نهاهم عنها أيضًا، وقال: "إذا قرأ فأنصتوا" فبهذا تتوافق الروايات.
(فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) أي لا صلاة موجودة بالوجود الشرعي لمن لم يقرأ بها، ويحتمل أن يكون معناه: لا صلاة موجودة بالوجود الحسي لمن لم يقرأ بها في الصلاة، والمعنى الثاني يناسب استثناء فاتحة الكتاب، ودليل عليه بأنه ليست صلاة خالية عن فاتحة الكتاب، فلكثرة قراءتها في الصلاة لا يقع المنازعة بها، والاحتمال الثالث في معنى هذه الجملة أن يقال: إن معنى قوله: لا صلاة أي لا صلاة كاملة إلَّا بفاتحة الكتاب، كما في قوله عليه السلام: "لا إيمان لمن لا أمانة له"، ونظائره في الحديث كثيرة.
٨٢٣ - (حدثنا الربيع بن سليمان الأزدي، نا عبد الله بن يوسف، نا الهيثم بن حميد) قال أبو داود: ثقة، قدري، وقال أبو مسهر الغساني: ضعيف، قدري، (أخبرني زيد بن واقد) الدمشقي، (عن مكحول)، قال الذهبي