وأما سفيان فحاصل قوله أنه لم يسمع هذا الكلام من الزهري، ولكن سأل عنه معمرًا فقال معمر: إن الزهري قال بعد قوله: "ما لي أنازع القرآن" قوله: فانتهى الناس، وهذا أيضًا يدل أن قوله:"فانتهى الناس" ليس من كلام الزهري بل من كلام أبي هريرة, لأن على هذا سياق الحديث يكون هكذا: قال: إني أقول: ما لي أنازع القرآن، فانتهى الناس، فقول صاحب "عون المعبود"(١): إن معمرًا قد اختلف عليه، محل تأمل، وكذلك قوله: وأما غيره من أصحاب الزهري كسفيان وعبد الرحمن والأوزاعي ومحمد بن يحيي فيجعلونه من كلام الزهري، محل بحث.
فإن سفيان لم يسمع هذا الكلام من الزهري، فكيف يمكن أن يجعله من كلام الزهري؟ ولكن سمعه من معمر، والذي سمعه معمر لا يدل على أنه من كلام الزهري، بل يدل على أنه من كلام أبي هريرة كما ذكرناه.
وأما عبد الرحمن بن إسحاق فانتهى حديثه إلى قوله:"ما لي أنازع القرآن" ولم يذكر قوله: "فانتهى الناس"، فلا يدل على أن هذا الكلام من الزهري.
وأما الأوزاعي فقال في حديثه عن الزهري: قال الزهري: فاتّعظ المسلمون ... إلخ، حاصله أن الأوزاعي يقول: قال الزهري بعد قوله: "ما لي أنازع القرآن" بلفظ: "فاتعظ المسلمون"، لا بلفظ:"فانتهى الناس"، فلا يدل على أن هذا القول عند الأوزاعي من كلام الزهري, لأن قوله:"قال الزهري"، يحتمل أن يكون معناه من عند نفسه، فعلى هذا يكون قوله، ويحتمل أن يكون معناه: قال الزهري بسنده عن أبي هريرة، أو غيره من الصحابة، فلا يكون قوله.
نعم محمد بن يحيى بن فارس جعل هذا القول من كلام الزهري، ودعواه هذا بغير دليل, لأن صدور هذا الكلام من الزهري مشكل، فإنه لم يكن حاضرًا في ذلك الوقت، فلو كان هذا القول من كلام الزهري ظاهرًا يكون من قول